احتاج المحلّلون المهتمون بشؤون آبل إلى عدة سنوات لتكون توقعاتهم بانخفاض مبيعات آيفون صائبة. فبعد أكثر من عقد كامل من النمو المستمر، قامت آبل بتخفيض توقعاتها بشأن مبيعات آيفون للربع الأول من سنة 2019.
في رسالة للمستثمرين، وضح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لآبل، أن السبب وراء مراجعة وتراجع التوقعات يعود بشكل رئيسي إلى انخفاض مبيعات الآيفون في الصين التي تعتبر ثاني أهم سوق للجهاز بعد الولايات المتحدة.
لوم تيم كوك للصين قد يكون صائبا من بعض النواحي إلاّ أن هناك عدة عوامل وأسباب أخرى وراء تراجع مبيعات الآيفون، أشهر هاتف في التاريخ ومحرك نمو الشركة التي وصلت قيمتها السوقية قبل بضعة أشهر إلى أكثر من تريليون دولار لتتراجع اليوم إلى 703 مليار دولار وتصبح الثانية وراء مايكروسوفت بعد أن احتلت الصدارة لأكثر من 5 سنوات.
تعامل آبل مع هذه العوامل الأخرى ومع الوضعية الحالية بشكل عام سيكون هو محدد مستقبلها وما إذا كان هذا الانخفاض هو تعثرا فقط أو بداية النهاية لإحدى أعظم الشركات في التاريخ.
بين هذا وذاك، هناك 5 نقاط يجب التطرق إليها لكي تكون الشركة قادرة على فهم المشكلة ومحاولة حلها!
كثرة الخيارات .. الحل: تبسيط سلسلة الآيفون
قبل بضعة سنوات، كان الاختيار الذي يواجهه من يريد أن يشتري الآيفون هو ما إذا كان يريد آيفونا أبيض أو أسود.
هذه السنوات ذهبت وأصبحت غابرة وسلسلة الآيفون أصبحت معقدة واختيار الجهاز المناسب لم يعد مسألة لون وسعة تخزين فقط.
حاليا، هناك آيفون XR الذي ينطلق ثمنه من 749 دولار وهو يأتي بشاشة أكبر من آيفون XS الذي ينطلق ثمنه من 999 دولار. من جهة أخرى، كاميرا XR الأحادية قادرة على التقاط صور البورتريه مثل كاميرا آيفون XS إلاّ أنها قادرة على ذلك مع صور الأشخاص فقط.
هذا ليس كل شيء! آيفون XR يأتي في عدة ألوان إلا أنك إذا كنت تريد اللون الذهبي فيجب أن تنتقل إلى آيفون XS. هذا دون الحديث عن تعدد الأسماء وما يسببه من ارتباك للمستخدمين.
معظم الأشخاص لا يعرفون الفرق بين شاشات LCD و OLED أو تأثير حدود التصوير الحوسبي على قدرة الكاميرا على التعرف على حواف الأزهار والكلاب في الصور. كل ما يريده المستخدم هو أن يكون قرار اختيار الآيفون الذي يريده سهلا.
كل هذا التنوع والتشويش ليس من مصلحة الشركة! وإذا ما كانت تريد آبل الاحتفاظ بموديلات الآيفون الثلاثة سيكون من الأفضل أن تجعل الفرق بينهم واضحا وأن تبدأ بالحجم.
اختيار الآيفون يجب أن يكون مسألة اختيار بين الحجم، اللون، وسعة التخزين وليس مزايا الكاميرا، جودة الشاشة، سرعة المعالج…
الشاشات الكبيرة فقط .. الحل: بيع آيفون ذو حجم صغير
قد يكون التوجه الحالي الذي انطلق منذ 5 سنوات تقريبا هو شراء الهواتف ذات الشاشات الكبيرة وقد كانت آبل ذكية في الركوب على الموجة في بداياتها.
رغم ذلك، ما قد لا ينتبه له العديد هو أن قياس شاشة الآيفون انتقل من 4 إنش إلى 6.5 إنش في غضون سنوات قليلة واختفت الآيفونات الصغيرة بشكل نهائي من استراتيجية الشركة التي أصبح آيفون XS بشاشة بقياس 6 إنش هو أصغر ما تقدمه.
في الحقيقة، آبل حاولت حلّ هذه المشكلة من خلال آيفون SE إلاّ أنها تختلت عنه بشكل سريع.
إعادة إحياء الهاتف بمواصفات وتصميم جديد قد يكون شيئا إيجابيا وقد يساهم في إعادة رفع المبيعات.
الإصدارات السنوية .. الحل: إيقاف إطلاق آيفون في موعد محدد
إذا ما قمت بمقارنة آيفون X وآيفون XS، سيكون من الصعب أن تجد سببا حقيقيا يدفعك إلى الانتقال من الأول إلى الثاني.
التغييرات البارزة هي عبارة عن معالج أسرع، إمكانية تعديل العمق في صور البورتريه، ولون ذهبي جديد. هذه المزايا ليس كافية لدفع أكثر عشاق آبل تعصبا إلى التحديث فما بالك بالمستخدم العادي حتى وإن كان ضمن برنامج Upgrade Program.
آيفون XS قد يكون هو الأكثر شعبية الآن إلاّ أن شاشات 6.5 إنش ليست المفضلة للجميع.
في الحقيقة، يبدو أن الوقت قد حان لتتخلى آبل عن التحديث السنوي! بالطبع، سيكون هناك بعض التذمر من عشاق آبل الذين اعتادوا على آيفون جديد كل سنة إلاّ أن الخطوة قد تفيد الشركة وعشاقها على المدى الطويل.
أول نقطة إيجابية هو أن آبل ستتجنب الانخفاض الكبير في المبيعات الذي يحدث في سبتمبر من كل سنة لأن المستخدمين لن يكونوا على دراية بموعد صدور الجيل الجديد بالضبط.
ثانيا، آبل سيكون لها وقت أكثر لتطوّر الجهاز وتخرج بآيفون جديد حقا وليس جديد “بعض الشيء”.
الشركة تقوم بهذا الأمر بالفعل مع أجهزة الآيباد والماك وبالتالي فهو ليس بالشيء الجديد… وبالإضافة إلى كل هذا، ألن يكون الأمر أكثر حماسا وتشويقا إذا ما كنا لا نعرف متى سيتم إصدار الآيفون بالضبط؟
سيري .. الحل: يجب أن تلحقي بالركب
الأمر أصبح من الصعب إنكاره: الآيفون ليس القائد الأوحد والمسيطر في قطاع الهواتف الذكية. خصوصا وأنه أصبح من السهل على كل المصنعين الآخرين تقليد تصميمه بسرعة خاطفة.
سامسونج، هواوي، شاومي، أوبو… كلها شركات أصبحت قادرة على إنتاج هواتف بنفس مستوى جمالية وأناقة الآيفون وبالتالي فالمنافسة أصبحت على مستوى آخر: البرمجيات والذكاء الاصطناعي.
ففي حين أن iOS 12 يمكنه مقارعة أندرويد، سيري لازالت بعيدة عن المنافسة، خصوصا عند مقارنتها بـ Google Assistant.
تطبيق الاختصارات في iOS 12 لازال مربكا في نظر عديد المستخدمين، ثمن هومبود باهظ، ومعظم الأجهزة المنزلية الذكية الرخيصة لا تدعم HomeKit.
إذا ما كانت آبل تريد تحويل مسار مبيعات الآيفون الحالية، سيكون الطريق الأفضل هو الاستثمار في سيري لتكون قادرة على المنافسة.
السعر .. الحل: جعل الآيفون في متناول عدد أكبر من المستخدمين
تركنا هذه النقطة المهمة والبديهية للنهاية.
إذا ما تجاهلنا آيفون SE وقمنا بإلقاء نظرة على متوسط سعر الآيفون فسنرى أنه قفز من 759 دولار في يناير 2017 إلى 1049 دولار اليوم! أي أنه شهد ارتفاعا بـ 40%!!
الأسباب واللوم يمكن توزيعها على ما تريد… التكاليف، الجشع، الضرائب، انخفاض المبيعات… ما يهم هو أن المستخدم النهائي هو الذي يتحمل الارتفاع وهو ما يؤدي بشكل طبيعي إلى انخفاض المبيعات.
عندما تم إصدار آيفون X سنة 2017 بثمن 999 دولار، توقع البعض أن يكون السبب هو أن الهاتف جديد وأن الشركة تريد أن ترفع الثمن لتكون للجهاز قيمة أكبر في أعين من حصلوا عليه في البداية كما كان الحال في الآيفون الأول الذي تم الإعلان عنه سنة 2007 بثمن 600 دولار.
هذه التوقعات لم تكن صائبة، آيفون XS جاء بنفس الثمن أما آيفون XS Max فجاء بثمن أعلى ينطلق من 1099 دولار. هذه الأرقام لا يمكنها أن تستمر إذا ما كانت آبل تريد العودة إلى مسار النمو.
الحل قد يكون سهلاً، تخفيض 100 دولار من كل آيفون والمبيعات قد تعود إلى سابق عهدها.
ختاماً…
بالعودة إلى رسالة تيم كوك للمستثمرين، آبل ألقت اللوم على الكلّ إلاّ نفسها. وهو أمر غير صائب بتاتاً. فكما قلنا، حتى وإن كان في ذلك بعض الصحة، الأسباب الأخرى أهم.
لحسن الحظ لا زال في إمكان آبل أن تغير الأمور لتصبح الضجة التي أحدثها الانخفاض في ثاني يوم من السنة الجديدة حادثا عابراً وتعود الشركة إلى مسارها.
الأمور الآن في يد الشركة والأشهر والسنوات القليلة القادمة سترينا ما هي فاعلة.