رغم بساطته وسهولة حسابه، هامش الربح الإجمالي (Gross Margin) هو أحد أهم المؤشرات في عالم ريادة الأعمال وهو قادر على تحديد ما إذا كان مشروعك الناشئ قادرا على الاستمرار.
هامش ربح إجمالي ضئيل يعني أنك غير قادر على تغطية كافة المصاريف الأخرى كتكلفة المكتب، الفوائد، الضرائب…
تجاهل هذا المؤشر الهام والعوامل المؤثرة عليه قد يجعلك تتوجه نحو الإفلاس حتى وإن كان منتجك رائعا وكان لديك عدد محترم من الزبناء.
لهذا السبب، من الضروري فهم مكونات هذا المؤشر، معرفة طريقة حسابه، ومتابعته بشكل مستمر لتكون على دراية بما يحدث.
ما هو هامش الربح الإجمالي؟
ببساطة، هامش الربح الإجمالي هو نسبة الفرق بين إيرادات الشركة من بيع منتجاتها وتكلفة تصنيع هذه المنتجات.
التكلفة هنا يقصد بها المصاريف المباشرة كمواد التصنيع، أجرة الموظفين… مع استثناء المصاريف الأخرى غير المباشرة كالمصاريف الإدراية، أجرة المدراء (لأنها في الغالب غير مرتبطة بحجم التصنيع)…
عدم احتساب مصاريف مهمة كهذه في هامش الربح الإجمالي يعني أنه من الضروري أن يكون هذا الهامش كافيا لتغطيتها.
مثال
إذا اعتبرنا أن شركة تقوم بتصنيع وبيع 1000 زوج من الأحذية كل سنة بثمن 50 دولار للزوج فمجموع الإيرادات سيكون هو 50 ألف دولار سنويا.
إذا كانت 15 دولار هي تكلفة تصنيع كل زوج (مواد التصنيع، أجرة العمال…) فمجموع التكلفة هو 15 ألف دولار.
الفرق هو 35 ألف دولار ونسبة هامش الربح ستكون هي 70% (الفرق مقسوم على الإيرادات).
تأثير هامش الربح الإجمالي
كما قلنا، هامش ضئيل قد يكون مدمرا للشركات بمختلف أحجامها، خصوصا الشركات الناشئة بالنظر إلى أن المصاريف في البداية تكون أكبر ومصادر التمويل أقل.
الشركات الناشئة يجب عليها أن تدفع تكاليف شراء الآلات والأجهزة اللازمة للعمل، المكتب، المصاريف الإدارية، الديون…
هذه المصاريف، وإن كانت ضرورية، فهي لا توفر أية أرباح على المدى القصير وبالتالي فالشركة الناشئة تتحملها على أمل استرجاعها في المستقبل.
هذا يعني أن الشركة يجب أن تعمل على زيادة هامش الربح الخاص بها لتكون قادرة على الاستمرار.
بالنسبة للمشاريع الناشئة على الانترنت، المصاريف غالبا ما تكون منخفضة مقارنة بالمشاريع التقليدية وبالتالي فهي لا تحتاج إلى هامش ربح بحجم هامش هذه الأخيرة.
رغم ذلك، يبقى هامش الربح ضروريا لتجميع النقود وتمويل عملية تنمية المشروع وتطوير المنتجات والخدمات.
ما الذي يجعل هامش الربح ضئيلاً؟
بتفكير منطقي، هامش الربح الضئيل يعني أن: ثمن بيع المنتجات منخفض، تكلفة تصنيع المنتجات مرتفع، أو مزيج من العاملين.
حتى وإن بدى هذا الأمر بديهيا، بعض الشركات الناشئة لا تفهم سبب خسارتها في الوقت المناسب. وغالبا ما يكون هناك تخوف من تحديد أثمنة مرتفعة خشية اختيار الزبائن لمنتجات أرخص.
من جهة أخرى، محاولة تخفيض كلفة التصنيع من خلال اختيار مواد تصنيع ذات جودة سيئة ليس فكرة جيدة إذا ما كانت الشركة تريد الاستمرار والحصول على سمعة طيبة.
الحل إذا هو محاولة موازنة هذين العاملين والخروج بحل وسط للحصول على هامش ربح كافي.
وفورات الحجم
وفورات الحجم أو اقتصادات الحجم أو اقتصاديات السعة (بالإنجليزية: Economies of scale) تعني أنه كلما زاد حجم المنتجات التي يتم تصنيعها، كلما انخفضت تكلفتها.
هذا الأمر قد يبدو سهلا بالنسبة للشركات الكبيرة التي تشتري موادا بكميات كبيرة، وبالتالي بأثمنة منخفضة، وتستطيع بيع كل ما تنتجه.
بالنسبة للشركات الناشئة، الأمر صعب للغاية! أولا، شراء مواد بأحجام كبيرة للحصول على ثمن أفضل يحتاج إلى نقود أكثر وهو ما قد لا يكون متوفرا.
من جهة أخرى، حتى وإن تم تصنيع عدد كبير من المنتجات وكانت التكلفة منخفضة، ستواجه الشركة مشكلة في بيع كلّ هذه المنتجات وبالتالي ستتكبد خسائر أكبر.
هذا يجعل منافسة الشركات الكبرى والمسيطرة أمرا صعبا للغاية على الشركات الصغيرة ويبقى الحل هو إبداع طرق جديدة للتغلب على العمالقة، والأمثلة على ذلك لا تحصى.
أهمية هامش الربح
الشركات الناشئة ذات هامش ربح “صحي” تستطيع تغطية كافة تكاليفها وهو ما يعتبر أساسيا لضمان البقاء ثم النمو والتطوّر.
فالأبناك مثلا تنظر إلى التقارير المالية للشركات التي تريد الاقتراض ثم تبحث عن خانة الإيرادات والمصاريف لتعرف ما إذا كانت الشركة قادرة على تأدية ديونها.
الشركة ذات الإيرادات الجيدة والتكاليف المنخفضة، وبالتالي ذات هامش الربح الجيد، تكون هي المفضلة لدى الأبناك وبالتالي يزيد احتمال الموافقة على القرض.
هذا القرض يتم استخدامه لتنمية الشركة وزيادة الإيرادات وهو بدوره ما يدفع الشركة نحو الأمام للحصول على مصادر تمويل أكبر وهكذا…
ختاماً…
إذا كنت تنوي بدء مشروع جديد أو كنت رائد أعمال يريد تحليل أرقام شركته بشكل أفضل، من المهم أن تنتبه وتهتم بهامش الربح!
فقبل الغوص في الأرقام والحسابات المعقدة، ابدأ بما هو بسيط.
أول خطوة هي إبقاء المصاريف الثابتة منخفضة.
ثانيا، تحديد ثمن معقول للمنتج أمر مهم. ففي حين أن الأثمنة المنفوخة قد تُبعد عنك الزبائن، الأثمنة المنخفضة قد تُفسر على أنك تبيع منتجا ذو جودة منخفضة.
أخيراً، ما يمكن اعتباره هامش ربح جيد يختلف من قطاع لآخر، فالمطاعم ليست هي الأبناك والأبناك ليست هي الصالات الرياضية… بالتالي، قم بدراسة القطاع بشكل دقيق من شتى الجوانب وراقب الشركات المنافسة وحاول معرفة ما تقوم به قبل أن تقدم على أية قرارات مهمة.