مراجعة Assassin’s Creed Odyssey

Assassin’s Creed Odyssey هى أحدث إصدار لسلسلة الألعاب التاريخية التي تقدمها شركة Ubisoft، والتي تدور هذا العام في بلاد اليونان القديمة.

أعترف أننى عندما سمعت عن اسم اللعبة لأول مرة، وعرفت قليلًا من المعلومات عن الجو العام للعبة وموعد إصدارها، كنت قلقًا بعض الشئ، حيث تم الإعلان أنها سوف تصدر بعد سنة واحدة فقط من موعد إصدار الجزء السابق لها Assassin’s Creed: Origins.

هذا يعني أنه قد لا يتوفر الوقت الكافي لضبط جودة اللعبة، وإضافة الميزات الجديدة التي سوف تجعل سلسلة الألعاب تمتلك قدرًا كافيًا من الإبداع لتنافس ألعاب الجيل الحالي.

لكنني كنت سعيدًا جدًا عندما شاهدت اللعبة لأول مرة، وتفاجئت بكم العمل المبذول من Ubisoft، لكي تصنع لعبة جميلة للغاية، ممتعة في اللعب، وأيضًا مناسبة للاعبين الجدد، بالإضافة إلى عودة بعض الأشياء القديمة التي أحببناها في السلسلة، والتي كانت قد اختفت من بعض إصدارات السلسلة الأخيرة.

بداية جذابة

الشئ الأول الذي سأتطرق له، والذي لن تحتاج إلى لعب ساعات مطّولة لاكتشافه، هو المشاهد المبدئية للعبة.

يمكنك أن تتأكد بوضوح منذ اللحظة الأولى أن القائم على كتابة القصة، وكيفية التنقل بينها وبين مشاهد اللعب يعرف ماذا يفعل.

اللعبة لا تؤول جهدًا في جعلك تقع في حبها منذ اللحظة الأولى، وهذه ميزة أحببتها كثيرًا، إذ تزعجني الألعاب التي تكون مملة في بدايتها، ولكن يُقال لي أنك يجب أن تلعب عددًا معينًا من الساعات لكي تستمتع بها.

في رأيي، ألعاب الفيديو يجب أن تكون ممتعة منذ البداية وحتى النهاية.

في البداية تضعك اللعبة في مكان محارب أسبرطي قديم من الماضي الأغريقي، والذي يحارب باستماته تجاه أعداؤه جيوش الفرس.

حصلت وقتها على الفرصة لتجربة نظام رأيته في المشاهد الدعائية للعبة، وهى من أول الميزات الجديدة التي أضافتها لعبة هذا العام، وهى حروب الغزوات Conquest Battles.

Conquest Battles أو حروب الغزوات هى حروب كبيرة واسعة النطاق، تحارب فيها العديد من الجنود في نفس الوقت على نفس أرض المعركة بدون أي راحة.

كان لدي بعض الشك عن كيفية أداء هذه المعركة فعليًا عندما تصدر اللعبة، لكنني تأكدت أن اللعبة تقوم بعمل رائع في إيصال الفكرة.

الجنود من حولك لا تشعر على الإطلاق بأنهم صور مجسمة مصنوعة بالكمبيوتر لإعطائك أحساس الحروب الضارية.

التنقل بين الأعداء أيضًا يتم بالسرعة المناسبة، ولا يعاني من أي مشاكل، ويعطيك إحساسًا طبيعيًا جدًا وواقعيًا عن كيفية سير المعارك اليونانية القديمة.

حصلت على الفرصة أيضًا للتعرف على بعض القدرات الخاصة للمحارب، والتي بدت أنها موضوعة فقط لكي تعطيك لمحة عن قوة الشخصية التي سوف تكون عليها في المستقبل، وهذه ميزة أخرى أعجبتني وجذبتني لإكمال اللعبة بدون تضييع أي وقت.

كما ذكرت من قبل، اللعبة مصنوعة بطريقة جيدة لكي تعرض عليك جميع الميزات الجديدة منذ اللحظة الأولى، وهذا مهم جدًا ورائع للغاية.

شخصيات مكتوبة بعناية

ميزة أخرى مهمة وجذابة، هى طريقة كتابة القصة والشخصيات في هذه اللعبة.

هناك بعض اللاعبين الذين ربما يقولون أن هذه ليست نقطة مهمة بالدرجة الكافية للكلام عنها بصورة منفصلة، وأعترف أن معهم بعض الحق فيما يقولون.

لكن في لعبة تضعك في فرصة اللعب ببطلين مختلفين، سوف تتمنى من داخلك لو أن هناك أدنى قدر من الاختلاف في رواية القصة، لكي تشعر بأن اختيارك في بداية اللعبة له معنى.

المثير في هذه اللعبة هو أن كتابة القصة لها وزن عظيم في مقدار استمتاعك باللعبة، فكل سطر مكتوب له أهمية، كل مجموعة سطور لديها القدرة على تغيير مشاعرك تجاه شخصية معينة، أو إضافة مجموعة من المشاعر الجديدة التي لم تكن موجودة لديك من قبل، باستعمال أقل عدد من المشاهد والكلمات.

كما أن اللعبة لا تخجل من استعمال بعض المشاهد الدموية لإيصال الفكرة، هناك العديد من اللحظات التي فاجئتني فيها شخصيات اللعبة باستعمالها للقوة الغاشمة في قرارتها، أو إتخاذ قرارات حاسمة لم أتوقعها.

وبالطبع، كلام الناس في اللعبة يختلف تمامًا عند اختيارك للبطلة Kassandra مثلًا على عكس البطل Alexios.

الأداء الصوتي أيضًا يستحق جائزة، مؤديين الأصوات يعرفون وقت استعمال كل نبرة، ومتى يجب أن يتكلموا بحِدّة، وكيف يجب عليهم أن يتكلموا في كل موقف، هذا أيضًا كان عاملًا مهمًا في استمتاعي بتجربة اللعب.

مصدر إنزعاجي الوحيد هو تصميم العيون على أوجه الشخصيات في اللعبة، والتي كانت – رغم جمال وروعة تصميم الشخصيات في اللعبة – تجعلني أشعر معظم الوقت كأنني أتفرج على شخصيات مسرحية، تقول جملًا محفوظة، وذلك بسبب تحرك هذه العيون في أماكن غريبة في معظم الأوقات، وعدم تركيزها الكامل على الشخص الآخر الذي يُجري معه الحوار.

بيئة اللعبة شديدة الجمال …وعلى مستوى رائع من العمق

هذه النقطة أيضًا تظهر بعد ربع ساعة تقريبًا من بداية اللعبة، لكن ليس بالوضوح الكافي.

اللعبة تبدو جميلة للغاية، سواء من منظور اللاعب الشخصي، أو حتّى من منظور الصقر الذي تستعمله في الكشف عن الطريق، لكن الجمال لا يتوقف عند هذا الحد.

العالم لا يمكن اعتباره عالمًا مفتوحًا وكفى، اللعبة تضيف حس رائع بالمغامرة عندما تتنقل من جزيرة يونانية إلى أخرى، وترى الدلافين والحيتان على المياة بجانبك، أو تستكشف المناظر الطبيعية الخلابة في كل مدينة، والمباني الرخامية المختلفة، وتتجول في الغابات، وتغوص في المياه، وتستكشف البراكين الثائرة.

ضخامة العالم وعمقه هي من الأشياء التي تستحق الإشادة بها، وكذلك مستوى التفاصيل المذهل، خاصة عندما تشق طريقك في النهاية إلى المدن الكبرى مثل أثينا.

اللعبة لديها القدرة على تغيير كيفية رؤيتي للعالم الخاص بها كل دقيقة، كلما وجدت نفسي شعرت بالملل، أو عرفت خط السير الذي تريد اللعبة أن تمشي فيه، أتفاجأ بأشياء جديدة لم أتوقعها.

بالطبع هذا ليس كل شئ، وكما نعرف عن أي لعبة عالم مفتوح، هناك العديد من المهمات الجانبية لكي تفعلها، هذه المهمات الجانبية ليست مجرد مهمات إحضار شئ من مكان ما لشخص معين.

جميع المهمات في اللعبة تحتوي على عمق يختلف من مهمة إلى أخرى، كما أن الذهاب وأداء المهمات الجانبية مع ترك القصة الأساسية، لم يجعلني أشعر أنني تركت شيئًا مهمًا ورائي.

اللعبة تقدم تجربة متوازنة تعتمد على القيام بمهمة أساسية مع القليل من المهمات الفردية، لكي تكون في المستوى المناسب للمهمة الرئيسية القادمة.

هذا يعني أنك لن تحتاج للقيام بالعديد من المهمات لكي تستطيع إكمال اللعبة، اللعبة تشجعك على أخذ قسط قصير من الراحة واستكشاف العالم من حولك، والذي سوف تكتشف بعد ذلك أنك سوف تقوم بهذا الأمر لا إراديًا بسبب جمال المناظر الطبيعية في العالم المفتوح للعبة.

كما هو الحال في معظم ألعاب Assassin، هناك الكثير من التكرار في Odyssey، ولكن في معظم الأحيان يكون ممتعًا، فلا تزال الإثارة في معرفة كيفية قتل هدف محاط بعشرات من الحراس.

لم أشعر أبدًا أنني قد فوتّ أي شيئًا مهما احتجت أن أترك ما في يدي لكي أراه، اللعبة تقوم بهذا الدور من أجلك بدون الشعور بأي إحساس تأخر أو ملل.

نظام اللعب يحتوي على المقدار المناسب من التنوع والإثارة

نظام اللعب في Odyssey بالطبع يتجه للإتجاه الذي تسير فيه كل اللعب حاليًا، وهو إضافة عناصر RPG إلى نظام تطوير القدرات الخاص بها.

يمكنك أن تختار من بين ثلاثة أقسام مختلفة من القدرات الخاصة، وتغير بينها في أي وقت تريده.

أما نظام القتال فهو نسخة معدّلة من نظام قتال Origins، والذي لم يكن سيئًا لكي يتغير، على الأقل القتال الآن يأخذ وقتًا كبيرًا، ويعتمد على القيام بالعديد من الحركات السريعة، واستعمال العديد من المهارات الخاصة من أجل إسقاط عدو واحد، وعلى عكس بعض الأجزاء السابقة، زر Parry ليس هو كل شئ في اللعبة.

بالنسبة لإطار القصة، تعتمد القصة هذه المرة على أسلوب الحوارات المُتفرعة، حيث تجبرك اللعبة على اختيار بعض العبارات التي يجب قولها في مواقف معينّة، مع تحذير بأن هذه العبارات سوف تحمل تأثيرًا على طريقة سير اللعبة فيما بعد، ويمكن اعتبار هذا شيئًا جيدًا.

هناك العديد من الخيارات المصيرية التي سوف تقوم بها أثناء اللعبة، والتي سوف تؤثر على نهاية اللعبة كما نعرفها، أعترف أنني لم أشعر بالملل على الإطلاق وأنا أتصفح خلال أي مناقشة. أحسست دائمًا وكأنني أنا المسيطر على سير اللعبة في كل لحظة.

أيضًا إضافة جديدة -أو ليست جديدة تمامًا- بخلاف حروب Conquest، هى عودة حروب السفن مرة أخرى، والتي كانت موجودة في لعبة Black Flag فقط طوال تاريخ السلسلة.

حتى الآن أعتبر أن نظام حرب السفن في Assassin’s Creed IV: Black Flag كان من أفضل أنظمة الحروب على الإطلاق، والذي تفوق ببراعة على ألعاب مثل Sea Of Thieves و Skull & Bones.

لذلك كنت سعيدًا جدًا بعودة هذا النظام مرة أخرى إلى سلسلة ألعاب Assassin Creed، وبالطبع يلقى النظام تحسينات كثيرة جديدة على النظام الذي كان موجودًا في اللعبة السابقة.

جزئية جديدة أحببت وجودها في اللعبة هى نظام Mercenary، والذي يضعك دائمًا في إحساس الخطر من صائدين الأموال الذي يريدون القضاء عليك، وأخذ المكافأة الموضوعة على رأسك.

رغم أن هذا النظام شبيه قليلًا بنظام Nemesis في لعبة Shadow Of War، لكنني أحببت وجوده، ولم أشعر أنه دخيل على اللعبة أو ما شابه.

أنت قاتل وتقتل العديد من الأشخاص على مدار اللعبة، لذلك بالطبع سيكون طبيعيًا وجود العديد من الأشخاص الذين يريدون التخلص منك، كما أن هذا النظام أضاف طابعًا من الإثارة لم يكن موجودًا في الألعاب السابقة.

لعبة Assassin’s Creed Odyssey كاملة لكن ينقصها الإختلاف

لا تفهمني خطأ، إذا قمت بشراء اللعبة ولعبها، لن تندم على ذلك، سوف تجد إهتمامًا كاملًا بكل عناصر اللعبة في جميع النواحي المختلفة، بدون التضحية بما يجعل السلسلة مميزة في الأصل، لكن ما ينقص اللعبة (أو سلسلة Assassin’s Creed عمومًا) هو التجديد.

المشكلة الحقيقية أن اللعبة لا تشبه ألعاب Assassin’s Creed التي نريدها، هذه السلسلة التي حينما ظهرت للمرة الأولى قدمت لنا نكهة فريدة خاصة بها لا تجدها في أي لعبة أخرى.

90% من الأشياء التي يمكن عملها في لعبة Assassin’s Creed Odyssey، يمكن الآن القيام بها في ألعاب أخرى عديدة، سواء أكان التركيز فيها على جمال العالم المفتوح، أو ركوب الأحصنة، أو صناعة الأسلحة، أو حتى ركوب السفن.

رغم أن لعبة Odyssey وصلت إلى الكمال في صنع كل تفاصيل اللعبة بعناية، بالإضافة أيضًا إلى استعمال عناصر قديمة محببّة من السلسلة مجددًا، لكنني وجدت بعض الصعوبة في التفريق بينها وبين ألعاب العالم المفتوح الموجودة حاليًا، بالإضافة إلى أن مقدار المجهود الفعلي الذي وجدته، هو المقدار المعتاد الذي يجب على مصمم لعبة بهذا الحجم القيام به في وقتنا الحالي، وليس جديدًا.

صناع اللعبة قاموا بعمل رائع في جعل اللعبة أفضل لعبة Assassin’s Creed لعبناها حتى الآن، لكن يظل عامل الاختلاف مهمًا، حيث أن عالم الألعاب مستمر في التطور والتغّير، وإضافة كل ما هو جديد، لذا إن كنت تبحث عن شيئاً فريداً من نوعه قد تشعر بخيبة أمل.

لكن، إذا أردت مشاهدة قصة مكتوبة بعناية في عالم اليونان القديمة، والتعرف على جميع تفاصيل هذا العالم، لن تجد أفضل من هذه اللعبة لكي تعيش التجربة التي تنشدها.

حتى لو لم تكن مهتمًا بهذا العصر، اللعبة سوف تخلق بداخلك الرغبة في الإهتمام واكتشاف المزيد عن هذا التاريخ القديم بمجرد لعب الدقائق الأولى منها.