أتذكر مُشاهدتي للعروض التشويقية الأولى للعبة Detroit: Become Human وذلك في سنة 2016، حين ذلك توقعت أن ما نراه ليس سوى مشاهد سينمائية تم تجهيزها للعرض وقد لا تكون اللعبة النهائية مُشابهة لذلك أبداً… ماذا عن القصة وأسلوب اللعب يا ترى؟ أحترم أعمال David Cage وفريقه الفرنسي Quantic Dream، لكن لم أكن دوماً من المُعجبين بألعابهم، فهل حدث نفس الشيء مع لعبتهم الجديدة؟
العنوان: Detroit: Become Human
تاريخ الإصدار: 25 مايو 2018
المنصات: PlayStation 4
المطور: Quantic Dream
القصة
” اللعبة حقاً حملت معها بعداً أكبر مما قد يتوقعه الكثيرون “
في مُستقبل ليس ببعيد، نحط الرحال في مدينة Detroit بولاية Michigan الأمريكية، المدينة التي أصبحت قطباً صناعياً أكبر مما كانت عليه من خلال CyberLife ورجالاها الآليين الذين أصبحوا في كل مكان، يعملون كرجال شرطة ومُحققين، وصولاً إلى عُمال نظافة وخُدام منازل، كل ذلك من أجل مُساعدة البشر في حياتهم اليومية. القصة تدور حول ثلاث رجال آليين هم Kara، Marcus و Connor، كل من هذه الشخصيات يعيش سيناريوهات مختلفة وهدف واحد مُشترك ستكتشفونه في النهاية.
حتى مع تشابه القصة مع بعض الحبكات التقليدية، التي يُصبح فيها للآلة نوعاً من الضمير والشخصية، إلا أن طريقة تقديمها في Detroit: Become Human (ديترويت: نحو الإنسانية، بالعربية) كان أروع بكثير، دقيق التفاصيل، مُهتماً بكل ما قد يبدوا طبيعياً لك من عواقب وردات فعل، أعتقد أن اللعبة حقاً حملت معها بعداً أكبر مما قد يتوقعه الكثيرون، وهذا شيء لطالما تميز به فريق التأليف والكتابة باستوديو Quantic Dream.
أسلوب اللعب
” أسلوب اللعب هنا ما هو إلا طريقة مُساعدة على التقدم في اللعبة “
أرغب بتوضيح شيء مُهم وبديهي قبل أن أتعمق أكثر في الحديث عن أسلوب اللعب، Quantic Dream يختص بتقديم ألعاب ذات تجارب قصصية بالدرجة الأولى، أي أنك لن تحصل على لعبة RPG أو شيء من هذا القبيل، لن يكون بمقدورك التحكم بمظهر الشخصيات أو تحسين قدراتها، لن تستطيع القيام فعلياً بأي شيء بنفسك إلا إن قدمت لك اللعبة الفرصة لذلك، فالتجربة هنا تفاعلية قصصية، أي كل ما يمكنك فعله هو الضغط على الأزرار فور ظهورها على الشاشة للإستمرار.
تبدأ اللعبة بمشهد الرهينة المعروف مع Connor، والذي قمنا بمشاركة انطباعاتنا حوله معكم سابقاً. المشهد يُقدم لك لمحة عن كمية الخيارات ومدى تشعبها، وكيف أنها تُحدد النهاية التي سيؤول إليها المشهد، أو حتى بعض المشاهد الأخرى في المستقبل. قبل اتخاذ أي قرارات، تتاح لك فرصة استكشاف المكان للبحث عن أية أدلة، هذه ميزة مُتاحة لشخصية Connor فقط كونه رجلاً آلياً يعمل في وحدة التحقيق. وجدت أن الأزرار سهلة أكثر مما توقعت، كل شيء سلس وواضح، رغم أنني لست مُعجباً بزاوية الكاميرا التي تتغير من حين لآخر وتجعل من معرفة اتجاهك أمراً صعباً قليلاً، حيث ستجد نفسك تدور في حلقة مراراً وتكراراً فقط من أجل ضبط تلك الزاوية التي تتيح لك الضغط على زر ما أو ما شابه.
إيجاد الأدلة كلها واستكشاف المكان أمران مُهمان حينما نتحدث عن شخصية Connor، حيث أن مع كل دليل تجده، هناك احتمالية للحصول على مزيد من الخيارات لاحقاً، وبالتالي نتائج مختلفة، وهذا أساس اللعبة ككل.
تنتقل اللعبة بشكل أكثر سلاسة إلى شخصية Kara، والتي تعمل كخادمة منزل لدى Todd وابنته Alice.. ستكتشف سريعاً أن Todd ليس بالمالك اللطيف، هنا تبدأ من جديد سلسلة الخيارات التي ستحدد علاقتك مع Todd و Alice على حد سواء، لا أرغب بحرق الأحداث، لذا سأترك المسألة عند هذا الحد!
الطريف في الأمر هو طريقة تعريفك على هذه الشخصيات، بحيث سيكون عليك اللعب وفقاً لدورها في المجتمع في البداية، اللعب بشخصية Kara سيُحتم عليك القيام ببعض الأعمال المنزلية، مثل جمع القمامة، تنظيف الغرف وإعداد وجبة العشاء. قد تكون أموراً مملة لكن هدفها بالدرجة الأولى هي تعريفك على الأزرار الرئيسية وبعض الحركات التي ستقوم بها في الغالب مثل فتح الأبواب، قراءة المجلات الإلكترونية، تغيير توجه الكاميرا وغيرها.
Marcus هو الشخصية الثالثة التي نتعرف عليها، بحيث يستمر أسلوب اللعب “الممل” نوعاً ما، في التعامل مع مالكه والذي يُدعى Carl. هناك بعض التفاصيل الإضافية بخصوص أسلوب اللعب والتي سنتعرف عليها بفضل Marcus، مثل التعامل مع رجال آليين آخرين، بعضهم قد يكون عدائياً والآخر ودود، هذا إلى جانب ميزة تقييم المخاطر وتحديد أفضل طريقة للتعامل مع بعض العقبات، فعلى سبيل المثال، ستجد نفسك أمام جدار يتطلب منك تسلقه، هنا يتم تفعيل خاصية رؤية كافة الطرق المتاحة لك، تستطيع رؤية تفاصيلها بالضغط على أزرار R2 و L2 لترى النتيجة وتقرر أياً منها ترغب بالقيام به… حتى مع بساطة هذا النظام وعدم التركيز على قدرات اللاعب نفسه، إلا أنه وبشكل ما عمل مُتقن ومليء بالتفاصيل، بل وحتى ممتع المُشاهدة!
بشكل مُلخص، أسلوب اللعب في Detroit: Become Human ما هو إلا طريقة مُساعدة على التقدم في اللعبة ومعرفة مزيد من الأحداث والسيناريوهات المحتملة، وهذا أمر جيد كون اللعبة تُقدم حقاً قصة جميلة وبطريقة أقل ما يُمكنني القول عنها هو مدى الإهتمام بالتفاصيل فيها… أمر نادراً ما نجده في ألعاب الفيديو اليوم.
الرسوم والأصوات
” شيء مُبهر حقاً “
تتميز ألعاب Quantic Dream دوماً بجودة رسومية عالية، على الأقل فيما يتعلق بحركات الشخصيات وتعابيرها، وهذا شيء ستلاحظه كثيراً في Detroit: Become Human والتي تُقدم مُستوى عالي جداً، تماماً كما رأينا في العروض التشويقية السابقة دون أي تخفيض. هناك واقعية كبيرة في الحركة خصوصاً حينما تستكشف مكاناً ما، ليس فقط على مُستوى الشخصيات القابلة للعب، بل تقريباً كل ما هو من حولك.. شيء مُبهر حقاً، بل ويًصبح أكثر إبهاراً بتقنية HDR على جهاز PlayStation 4 Pro.
الأصوات والموسيقى أيضاً إحدى العناصر المهمة جداً لدى فريق التطوير الفرنسي، إن كنت تملك سماعات رأس قادرة على توليد جودة صوت عالية مُحيطة بك، لا تتردد في استعمالها لخوض تجربة صوتية مليئة بالتفاصيل، يُمكنك سماع كل شيء أثناء تواجدك في شوارع المدينة، من أصوات المركبات، الأشخاص من حولك، وصولاً إلى الصوت الآلي الذي يدعوا الناس لعدم قطع الطريق بعد، بل ويُمكنك تحديد الإتجاه الذي يأتي منه الصوت بدقة أيضاً.
الموسيقى فريدة من نوعها، ويمكن تقسيمها لثلاثة أجزاء، كل واحد منها خاص بإحدى الشخصيات الرئيسية، المشاهد التي تُركز على Kara غالباً ما تتمتع بموسيقى هادئة، لطيفة ومُهدئة للمشاعر كونها شخصية أنثوية، أما Marcus على سبيل المثال، فالموسيقى قد تكون نوعاً ما ثورية وُمحمسة للأعصاب، في حين أن Connor ينفرد بموسيقى بوليسية إن صح التعبير، قد تكون مملة أحياناً، لكنها الأفضل بلا شك في مشاهد المطاردة!
الجدير بالذكر أن اللعبة تدعم اللغة العربية الفُصحى فيما يتعلق بالقوائم والأزرار، واللهجة المصرية فيما يتعلق بالحوارات بين الشخصيات.
هل تستحق الشراء؟
من غير الشائع أن تُقدم ألعاب القصص والطور الواحد فرصة لإعادة لعبها مرات عديدة، لكن Detroit: Become Human وضعت هذا الأمر تحديداً في الحُسبان، وتأكد من أنك ستحصل على نهايات مختلفة كل مرة تُعيد فيها إحدى المشاهد، وربما اللعبة ككل. قضيت ما يُقارب 15 ساعة ولا زالت اللعبة مُستمرة، لذا إن كنت تجد أن أسلوب اللعب مُناسب ويليق بذوقك، تفضل بشراء اللعبة دون أي تردد.