كيف تحُول أمازون بين البائع وعميله عند البيع على منصتها

أمازون

يبرز اسم أمازون كأكبر فاعل في التجارة الإلكترونية على المستوى العالمي، حيث تستمر عملاقة التسوق الإلكتروني في إحكام قبضتها على مجال التجارة الإلكترونية، فإلى جانب النجاح الكبير الذي تحققه كمنصة تسوق إلكتروني عالمية، تعد أمازون ماردًا خطيرًا يهدد بالاستحواذ على شركات مختلفة يمكنها المساهمة في زيادة قوتها وفعاليتها في السوق، وهو ما تثبته نتائجها المالية الأخيرة، حيث أن إمكانيات الشركة تجعل من النجاح يبدو سهلًا في أعين الشركات الناشئة، لذا فإن انضمامها لها لا يعد مفاجئا، لكن هذا النجاح قد لا يكون نجاح الشركات التي تبيع منتجاتها على أمازون، صحيح أنها ستحقق العائدات المادية المطلوبة، إلا أن العملاء الذين يشترون المنتج يشترونه من أمازون، وليس الشركة الفلانية.

مستقبل التجارة الإلكترونية

Amazon Effect

تجسد أمازون بالفعل عبر طرق متعددة مستقبل البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، مع كون مستقبل هذا المجال يتمثل كذلك في تجربة ترتكز على العملاء وتقديم تجارب علامات تجارية مخصصة في المستوى تعزز وفاء العملاء للعلامة التجارية، هذه التجارب تعتمد على البيانات، وهو ما يقودنا إلى الحديث عن الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التعلم الآلي، حيث سيتم الاعتماد على مثل هذه التقنيات من أجل جمع معلومات حول العملاء، يتعلق الأمر بما يقتنيه هؤلاء العملاء سواء على الإنترنت أو في الواقع، المواد التي كانوا يتصفحونها على الموقع من أجل توقع ما يمكنهم اقتناؤه في المرة القادمة، الوقت المناسب لحثّهم على الشراء، والقنوات التي يمكن استخدامها من أجل التسويق عبرها. أمازون نفسها على علم بهذه الحيثيات، وقد بدأت منذ فترة طويلة بالتعمق في التسويق والتخصيص عبر البيانات.

وتتمثل إحدى المشاكل، في اتّكال بائعي التجزئة بشكل كلي على أمازون، فالبيع عبر سوق أمازون يجعل البائع يستفيد فقط من عائدات البيع عبر المنصة، أي أن التواصل مع المشترين أو خلق علاقة معهم ليس ممكنًا، إذ أن البائع لا يستطيع التواصل مع المشتري أو تسويق منتجاته له، فأي علاقة مفيدة يمكن أن تتمخض عن مثل هذا السيناريو؟ خصوصًا وأن بيانات العملاء تصبح بشكل متسارع القلب النابض لأي مشروع تجارة إلكتروني، حيث أن أي تفاعل واتصال مع العلامة التجارية يجب أن يتم أخذه بعين الاعتبار، تحليله، وتحويله إلى تسويق مخصص. وتمنع أمازون البائعين من فهم تام لمن يشتري منهم والاستفادة من المعلومة للحفاظ عليهم في المستقبل، وبالتالي لن يستطيع هؤلاء الباعة الاستفادة من هذه المعلومات الثمينة، حيث أنه من غير الممكن تقديم بيانات غير متكاملة لخوارزميات تعلم آلية وانتظار نِتاج ذي مغزى.

دروس لبائعي التجزئة

أمازون برايم

تتمثل استراتيجية ولاء أمازون الأساسية في كونها متوفرة في كل مكان، وتوفيرها لكل شيء قد يود المستخدم اقتناءه، وتتخذ أمازون استراتيجيات أخرى مثل خدمة Prime، حيث تعلم أن هنالك خيارات أخرى يمكن للعملاء الاستعانة بها، لذا تحاول بطرق شتى توليد الولاء لدى العملاء عبر هذه الخدمة من خلال توفير تجربة استخدام مميزة مثل ميزة النقرة الواحدة للشراء. وبالتالي، فإن ما يحتاج بائعو التجزئة والعلامات التجارية الأخرى تعلمه من استراتيجيات أمازون، هو كون العملاء يرون منتجًا ويودون اقتناءه فورًا من خلال بضعة نقرات، لذا فإن عمليات الشراء المعقدة وتجارب العملاء السيئة لن تلقى ترحيبًا من طرف العملاء، في حين سيتذكر هؤلاء تجربة شراء جيدة وستؤثر إيجابًا عليهم مع شعور بالاحترام والولاء.

طبعًا لن يكون من الحكمة دعوة العلامات التجارية للتوقف عن البيع على أمازون وأسواق أخرى كليًّا، لكن على بائعي التجزئة التفكير إلى أي مدى يودون التخلي عن علاقتهم بالعملاء مقابل الأرباح التي تعرضها أمازون. من جهة أخرى، أصبحت تجربة الاستخدام والتخصيص التي تقدمها أمازون ممكنة برمجيًّا وقابلة للتحقق دون الحاجة إلى التضحية ببناء علاقة ذات مغزى طويلة الأمد مع العملاء، حيث تصبح التقنية المستخدمة لتوفير تجربة شراء في المستوى، والتي كانت مقتصرة على عمالقة السوق، متوفرة للجميع بما في ذلك عملية الشراء السريعة ورسائل التسويق المخصصة فرديًّا.

وعليه، سيكون على رواد الأعمال التسويق لمنتجاتهم عبر إعادة تركيز انتباههم على علاقات طويلة الأمد مع العملاء، فإما أن يشتري العملاء مرة واحدة عبر أمازون ولا يعودوا أبدًا، أو يصبحوا عملاء مخلصين يعودون للشراء ويوصون آخرين بالشراء، وهو ما يشكل تجربة عمل حقيقية ناجحة في وقتنا الحالي، والمستقبل كذلك.

ياسين الشريك
أقضي معظم وقتي يوميًّا في متابعة جديد التّقنية عبر مقالات وفيديوهات متنوعة، غير متعصب لأي شركة، أحب استخدام وتجربة التطبيقات والألعاب على الأندرويد ومعجب بحريّة وميّزات هذا الأخير.