ألعاب الفيديو وانتشار العنف، ما القصة؟

يبدوا أن ما نشاهده في الساحة الإعلامية هذه الأيام مرتبط كثيراً بالعنف الذي غالباً ما يؤدي إلى نهاية مأساوية، حيث كثرت في السنوات الأخيرة مشاهد العنف التي يكون أبطالها شباباً في مقتبل العمر، ويبدوا أن بعض الجهات الرسمية والغير الرسمية على حد سواء، بدأت بإلقاء اللوم على بعض العوامل الخارجية، التي من بينها ألعاب الفيديو، فما القصة يا ترى؟

تطرقت إلى الموضوع منذ بعض الوقت، لكن مؤخراً وبعض انتشار جرائم قتل، خصوصاً في الولايات المتحدة، بدأت الحكومات بالإعتقاد أن ألعاب الفيديو أصبحت تؤثر بشكل مباشر وسلبي على الشباب وبالتالي تدفعهم للقيام بهذه الأعمال الشنيعة بناءً على ما يرونه في ألعاب الفيديو من عنف وتشجيع على القتل حسب قولهم. لن أتطرق إلى بعض الاقتباسات الرسمية حول الموضوع، بحكم أنها لا تزال محض اتهامات غير مبنية على حقائق أو دراسات، على الأقل ليس بعد، لكنني سأتحدث عن بعض الحالات التي قد تُشكل فيها ألعاب الفيديو بالفعل أحد الأسباب في تشجيع فئة من الشباب لارتكاب أحداث عنف، كما سأتطرق إلى حالات أخرى تشكل فيها ألعاب الفيديو فرصة إيجابية ومساحة للترفيه لا أكثر.

ارتكاب جريمة أو فعل عنيف يتطلب الكثير من الشخص الواحد، وهنا تأتي الكثير من العوامل التي قد تدفع شخصاً ما للتفكير حتى بذلك، فكيف تكون ألعاب الفيديو إحداها؟ حسناً، الأمر يتعلق في معظم الأحيان بنفسية الشخص، وطريقة رؤيته للمجتمع من حوله، ألعاب الفيديو وُجدت للترفيه، وقليلاً جداً ما تجد بعضها يحاول تغيير طريقة تفكيرك أو مُعتقداتك الشخصية كيفما كانت، فعلى كل الأحوال هذه الصناعة مراقبة من جهات مختلفة ولا يتم الموافقة على نشر أي لعبة إلى حين موافاتها لكافة الشروط والقواعد، لذا فيحنما تجد نفسك أمام لعبة عنيفة لدرجة لا تُصدق، وربما تجد فيها مشاهد إباحية بشكل مفرط مع الإعتماد على سيناريوهات واقعية، فاحتمالية أن هذه اللعبة قد تم تطويرها وتصميمها بأهداف سيئة ومُشينة بالدرجة الأولى، وغالباً ما تكون هذه الألعاب غير متواجدة بالأصل في المتاجر الرقمية أو محلات البيع، لكن لا يزال بالإمكان إيجادها على الإنترنت بشكل أو بآخر عن طريق مواقع القرصنة أو المواقع التي قد تُصادفونها في Deep Web… وقد يكون هذا الأخير أحد الأسباب الرئيسية التي تُمهد الطريق لإيجاد دوافع مُقنعة للشخص بارتكاب هذه الجرائم بناءً على ما تقدمه ألعاب الفيديو، حيث أن ما يتم نشره هناك عادة ما يكون غير مراقب.

لنتحدث عن اللعبة التي يتم اتهامها دوماً عند ارتكاب شاب لجريمة عنف، سلسلة Grand Theft Auto، سلسلة غنية عن التعريف، وبالفعل فما تُقدمه اللعبة لا يزال إلى حد الآن مُثيراً للجدل وقد تم حظر اللعبة بالفعل في بعض الدول، لكن من وجهة نظرٍ بسيطة، أعتقد أن الأمر مُبالغ فيه بشدة، فهذه اللعبة بشكل ما تعتمد علم النفس المُعاكس الذي عوض أن يُشجعك على القيام بأعمال عنف أو شغب في العالم الواقعي، فهو في الحقيقة يدفعك للبقاء في عالم اللعبة لا أكثر، لكن إن كان البعض يجد أن سرقة السيارات ودهس الأشخاص في الشوارع أمر ممتع، فهنا تُصبح المشكلة نفسية أكثر مما هي متعلقة بألعاب الفيديو.

قمنا بطرح السؤال على متابعي صفحتنا في Facebook، ووجدت الأغلبية أن ألعاب الفيديو بالفعل لا تؤثر على نفسيتهم وليست السبب فيما يحدث، لكن البعض أيضاً أشار إلى كيف أن طريقة التعامل مع بعض الألعاب قد يكون السبب، وهذه وجهة نظر مُثيرة للإهتمام، حيث أنه بالفعل قد تختلف من شخص لآخر، فالبعض قد يجد أن DOOM عنيفة بشدة، والبعض الآخر قد يجدها مملة لكنها وسيلة ممتعة لقضاء الوقت، لكن لنتذكر شيئاً ما قبل التعمق أكثر في هذا الجدال، فكل ألعاب الفيديو تُقدم تحذيراً وإخلاء من المسؤولية، إلى جانب تقييمها العمري، لذا فعندما تُقدم لعبة GTA كهدية عيد ميلاد لطفل في الثلاثة عشر من عمره، أتمنى أن تتحمل مسؤولية ما قد يحدث في المستقبل، لكن من جديد، قد لا يحدث شيء سلبي، فكل شيء مرتبط تماماً بالبيئة المحيطة باللاعب نفسه، وهذه وجهة نظرٍ من شخص قضى سنوات طفولته مع الأجزاء الأولى من GTA والكثير من Metal Slug و King of Fighters.

معاذ محسين
ألعاب الفيديو، وقهوة ساخنة.