EA، نظام الشراء داخل ألعاب الفيديو وتوجهات الصناعة

قد يبدوا العنوان مُبهماً بعض الشيء، هل أنا هنا لإضافة انتقاد آخر لقرار شركة EA بالتركيز على نظام الشراء داخل ألعاب الفيديو، وبالضبط في Star Wars Battlefront 2 (والذي قررت إزالته لاحقاً)… ليس تماماً، لكنني قررت مُشاركتكم بضعة أفكار حول هذا الأسلوب ككل وتوجهات صناعة ألعاب الفيديو مُستقبلاً.

اشتكى الآلاف من اللاعبين في الآونة الأخيرة عبر Reddit وشبكات التواصل الإجتماعية، بقرار EA المتعلق بلعبة Star Wars Battlefront 2 الجديدة، حيث أنها تدعم نظام الشراء داخل ألعاب الفيديو ولن تتيح لك شخصيات الأبطال إلا إن قمت بلعب أكثر من 20 ساعة داخل اللعبة، أو… لقد حزرتم، إن قمتم بشرائها بأموال حقيقية.

هذا النظام، والمعروف بـ Microtransactions ليس بشيء جديد في صناعة ألعاب الفيديو، بل كان دوماً أحد الأساليب التي يستفيد بها بعض المطورون مادياً بعد بيع ألعابهم، خصوصاً الألعاب المتاحة للعب مجاناً، فهي تتيح لك عناصر وأدوات وغير ذلك من الأمور التي تُحسن من شخصيتك في اللعبة وبالتالي فهي قـد تُقدم لك أفضلية في أسلوب اللعب، لاحظوا معي هنا استخدامي لكلمة “قد” والتي سأتطرق لها لاحقاً.

Star Wars Battlefront 2

حسناً، لنتحدث عن Star Wars Battlefront 2، والتي يمكنكم الإطلاع على انطباعاتي حولها، ولألخص لكم الأمر فهي لعبة ممتعة إلى حد كبير، بالأخذ بعين الإعتبار أنك من مُحبي ألعاب التصويب والتسديد من منظور الشخص الأول/الثالث، ناهيك طبعاً عن معرفتك بعالم Star Wars، فاللعبة تُقدم عشرات الشخصيات، الكثير من العوالم والحروب التي اشتهرت بها السلسلة السينمائية العريقة، وأقل ما يُمكنني قوله أن فريق التطوير DICE استطاع تقديم اللعبة بأفضل طريقة… إلا أن EA، كونها الشركة الناشرة، قررت التدخل في الجانب المادي للعبة والذي بطبيعة الحال يندرج في قائمة أولوياتها وحقوقها كشركة ناشرة، لذا دعونا لا نتهم أي طرف بالطمع أو الحماقة، دعونا نُفكك هذا الموضوع إلى أجزاء ونتحدث عن أسباب هذه القرارات ونتائجها على المدى البعيد والقريب.

أسلوب الشراء داخل الألعاب، أو Microtransactions ياتي بأشكال مختلفة، وكما ذكرت فهو ليس حديث الولادة، بعض الألعاب تُفضل تقديمه على أنه يوفر لك مزايا قد لا تكون مُهمة جداً في تقدمك في اللعبة لكنه يمنح لك بعض الأمور الجديدة، أي أنك لا تشعر بضرورة شرائها، في حين أن ألعاب أخرى تقدم عملة داخلها مُتيحة لك جمعها من خلال اتمام مهمات أو حتى شرائها بعملة حقيقية إن كنت ترغب بذلك، من جديد… لا شيء ضروري، وما قامت به EA مع لعبة حرب النجوم الأخيرة هو نفس الأمر، فهي تُقدم لك خيارين، يمكنك اللعب بشخصيات الأبطال عن طريق شرائها، أو اللعب لفترة أطول، والأمر يبدوا منطقياً من عدة نواحي، فاللعبة تملك الكثير من المحتويات وفريق DICE سيستمر بتقديم محتوى جديد للعبة في كل فترة، لذا فالشركة الناشرة ترغب من اللاعبين إمضاء مزيد من الوقت في عالم اللعبة، فتوفير هذه الشخصيات والمزايا دُفعة واحدة قد يُسبب في جعل اللعبة مملة نوعاً ما وشبيهة بالجزء السابق الذي صُدر سنة 2015.

لننظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة

في الحقيقة، نشرت شريحة كبيرة من مُجتمع اللاعبين تغريدات تُشير إلى إعجابهم بهذا النظام، بل وحتى رغبتهم في إطالة المدة التي تقتضيها اللعبة لحصولك على هذه الشخصيات أو أي مُحتوى إضافي آخر، لكن من جهة أخرى، أدري تماماً أن هناك شريحة من اللاعبين لا تُفضل هذا الأسلوب، كيف لا وهي ترغب بتجربة كل شيء بعد دفعها مبلغ 60 دولاراً في أقل الحالات، لكن إليكم المشكلة، 60 دولاراً ليست مبلغاً كبيراً لقاء ما ستحصل عليه من محتويات في المستقبل، فلعبة Star Wars Battlefront 2 قد لا تعتمد أسلوب المحتويات القابلة للتحميل أو مايعرف بـ DLC، أي أن الفريق المطور سيستمر بدفق المحتويات بتنوعها على مراحل قد تمتد لأجل غير مُسمى، بكلمات أخرى، عمر اللعبة سيكون أطول بكثير مما اعتدناه في السابق، والمحتويات التي يتم اصدارها ليس بالضرورة أنها ستؤثر على مُستوى وأسلوب اللعب، فهذا كله راجع لمهاراتك كلاعب، شرائك او حصولك على شخصية بطل أو سلاح قوي جديد لا يعني بالضرورة أنك ستُصبح الأقوى، كما أنه لا يعني أنك ستجد نفسك بين لاعبين آخرين لا يمتلكون أياً من المحتويات المدفوعة، فأسلوب Matchmaking أثناء انضمامك لطور لعب جماعي يأخذ كل هذه الأمور بعين الإعتبار، لذا تأكد دوماً أنك ستستمع باللعبة دون التأثير كثيراً على التجربة.

من جديد، إن كنت غير موافقٍ على دفع مالٍ حقيقي، فقضاء مزيد من الوقت في اللعب أمر لا بأس به، رغم أن EA قامت بإبطال هذه العملية عموماً مساء يوم أمس في لعبتها الجديدة، إلا أنها قد تعود في المستقبل بشكل مختلف، وقد نراها في ألعاب أخرى غير ألعاب EA… ما رأيك بألعاب Ubisoft مثلا؟

هناك الكثير من العناوين القادمة من شركة Ubisoft، الكثير منها مُناسب جداً لهذا النوع من الخدمات، على سبيل المثال The Crew 2 التي يمكن أن تأخذ نفس منحى Need for Speed: Payback فيما يتعلق بتحسين سياراتك وكل المركبات المتوفرة في اللعبة، ما يعني أنها ستقتضي منك قضاء مزيد من الوقت في اللعب للحصول على قطع الغيار، سيارات أسرع وأمور أخرى… أو يمكنك شراءها مُباشرة دون الإعتماد على Loot Boxes العشوائية التي قد تحصل عليها بعد انتهائك من كل سباق.

لعبة أخرى لم نرى أي عرض تشويقي لها منذ 2012 قد تعتمد هذا الأسلوب، وهي Cyberpunk 2077، فقد أكد فريق التطوير أن اللعبة لابد لها من تضمن عناصر الشراء داخل اللعبة لتقديم تجربة أطول مليئة بالمحتوى، هذا الأمر نفسه يساعد على توسيع قاعدة اللاعبين والعالم المفتوح لمثيلة هذه الألعاب، ألقوا نظرة على GTA 5 Online التي استمرت لسنوات طويلة بفضل المحتوى المُستمر الذي يقوم فريق Rockstar بتقديمه للاعبين.

خلاصة القول

المشتريات داخل الألعاب ستعوض المحتوى القابل للتحميل في المستقبل، فالأخير يُساهم كثيراً في تشتيت مجتمع اللاعبين ضمن كل لعبة، ولعل خير مثال هو ألعاب التصويب والتسديد من منظور الشخص الأول، حيث أن بعض المحتويات تدعم خرائط جديدة ما يعني أن اللاعبين الذين لا يمتلكون هذه المحتويات والتي يبلغ سعرها ما بين 30 إلى 50 دولاراً، سيضطرون للعب في الخرائط القديمة باستخدام الأسلحة التي تأتي مع اللعبة دون الحصول على أي شيء جديد، في حين أن فكرة المشتريات داخل الألعاب قد تتيح لك اللعب وفق ما تشتريه، والأسعار غالباً ما تكون منخفضة جداً مُقارنة بما تدفع لقاء محتويات كاملة قد تنفر منها بعد مدة قصيرة، أو قد لا تستعمل مُعظمها على أية حال.

من جديد، يمكنك دوماً اللعب لوقت أطول للحصول عليها، وهذه الألعاب ممتعة بحق، فهذا هدف ألعاب الفيديو على أية حال، فهي مُصممة لإمتاع الجمهور، وليست أشياء ذات تاريخ انتهاء صلاحية تستوجب عليك لعبها ضمن 10 ساعات والبدء بانتقاد كل شيء فيها وانتظار سنتين للحصول على جزء آخر أو لعبة أخرى لتكرر نفس الأمر.

 

معاذ محسين
ألعاب الفيديو، وقهوة ساخنة.