ماذا تحتاجه ألعاب الرعب لتقديم التجربة المثالية؟

كثيرة هي ألعاب الرعب والبقاء، لكن قليلة هي التي استطاعت تقديم التجربة بشكل مثالي. من Silent Hill وصولاً إلى Layers of Fear، هذا رأيي حول ألعاب الرعب وماذا تحتاجه لتُقدم تجربة قوية لنا كلاعبين.

أواخر التسعينيات كانت مرحلة مهمة في تاريخ ألعاب الرعب، فيها شهدنا نشأة سلسلة Resident Evil و Silent Hill، قصتان مختلفتان، كل واحدة بحبكتها المثيرة وأحداثها الغامضة التي دفعتها للاستمرار لسنوات عديدة قادمة (على الأقل بالنسبة لواحدة منهما)، هل استطاعتا تقديم نفس التجربة كل مرة؟ أفضل ربما؟ أم أن المطورين أفسدوا التجربة؟

بالنسبة لسلسلة Resident Evil، فالأجزاء الأولى كانت حتماً الأكثر رعباً، بفضل أسلوب اللعب الذي كان الأول من نوعه، ناهيك عن القصة التي تمت كتابتها بشكل مُتقن، لكنها بشكل ما فقدت عناصر الرعب والبقاء التي اعتدنا عليها مع أجزاء مثل Operation Raccoon City، Resident Evil 6 و Umbrella Corps… حيث أصبحت نوعاً ما مجرد لعبة تصويب وتسديد من منظور الشخص الثالث على الموتى الأحياء، لكن لحسن الحظ، فقد استطاع فريق التطوير العودة إلى جذور السلسلة مع Resident Evil 7 من خلال منظور الشخص الأول، وهذه أول نقطة قد ترغب بها في أي لعبة رعب وبقاء، شيء بسيط لكنه يؤثر بشكل كبير على أسلوب اللعب، فهو أولاً يضعك في جو اللعبة بشكل كامل يدفعك للالتفات يميناً ويساراً كل مرة تسمع فيها صريراً أو حركة مفاجئة، كما أنه يُساعد على بناء لحظات الترقب المفاجئة التي قد لا تتوقعها مع منظور الشخص الثالث.

لكن مهلاً، Silent Hill لم تعتمد على منظور الشخص الأول، فكيف استطاعت تقديم تجربة الرعب تلك؟ حسناً، سنُقارن Silent Hill مع لعبة مُشابهة نوعاً ما، The Evil Within، القصة نوعاً ما مُتقاربة رغم اختلاف شديد على مُستوى تطور الأحداث والإتجاه الذي تأخذه كل سلسلة عموماً، لكن كلتاهما تعتمدان منظور الشخص الثالث. Silent Hill اعتمدت كثيراً على البيئة من حولك لجعلك مرتكباً طوال الوقت، بالاعتماد على كميات كبيرة من الضباب، الإضاءة الخافتة، هنا ظهر ما يعرف اليوم بـألعاب الرعب النفسي، حيث أنك لا تتوقع ما قد يحدث من حولك في أية لحظة، الأمر قد ينطبق قليلاً على The Evil Within، خصوصاً The Evil Within 2، بعض المستويات تتضمن بالفعل هذا الأسلوب، وهو ما يُضاعف من ذلك الشعور أنك لست وحيداً رغم أنك لا تستطيع رؤية شيء.

Resident Evil 7 عادت إلى منظور الشخص الأول، وحتى مع كون البيئة التي تجري فيها القصة مُشابهة نوعاً ما لأي لعبة رعب أخرى، إلا أنها تُعطي شعوراً أن شيئاً سيُهاجمك على حين غرة، واللعبة لا تعتمد على الضباب أو الأماكن المظلمة كثيراً، بل العكس تماماً، كل شيء يكون واضحاً أمامك، والسر هنا هو الأصوات، فالجزء السابع من هذه السلسلة اعتمد بشكل كبير على الأصوات لإخافتك، وبقدر ما يبدوا الأمر سخيفا، إلا أن الأصوات وحدها قادرة على التلاعب بأدمغتنا وردود أفعالنا، لحظات كثيرة جعلتني أقفز من مكاني بسبب صوت مُفاجئ، قد لا يكون بالضرورة إنذاراً بالخطر، لكن كل صوت تسمعه في Resident Evil 7 يلعب دوراً مُهماً في عملية اخفاتك.

لنتحدث قليلاً عن ألعاب الرعب الحديثة، خصوصاً التي تعتمد على أسلوب الرعب النفسي مثل Layers of Fear. قصة اللعبة تتجلى في رسام مضطرب نفسياً، يعيش أسوأ كوابيسه في قصر فيكتوري ضخم، تملئه الكثير من اللوحات الفنية طبعاً. Layers of Fear لعبة قصصية بالدرجة الاولى، أي أنك تكتشف المزيد من الأحداث ولماذا تحدث في كل مُستوى تخوضه، وعنصر الرعب الوحيد هنا يكمن في لحظات القفز المُفاجئة، شيء طبيعي في أي لعبة رعب، لكن في ظل القصة والبيئة التي تجري ضمنها، فكل شيء مثالي للعبة رعب… لا أعدك أنها الأفضل، لكن حتى مع لحظات القفز التي يمكنك توقعها بعد مدة قصيرة من بدأ اللعبة، إلا أنها تستحق التجربة لما تقدمه من أفكار وسيناريوهات غريبة مُربكة.

Outlast و Outlast 2 إحدى الألعاب الأخرى التي قل ما نتحدث عنها، بالرغم من أنها ربما أكثر ألعاب الرعب إثارة وتدميراً للأعصاب، سيمر بعض الوقت قبل أن تعيش لحظة مُثيرة تتم مُطاردتك فيها، لكن قبل ذلك، كل ما ستعيشه هو استكشاف بيئة شبه مهجورة، مُظلمة أحياناً ومليئة بالإضاءة أحياناً أخرى، لا يهم، فكل ما ستراه هو أمور طبيعية، أصوات طبيعية… إلى أن تتوقف عن توقع حدوث أي شيء، عند إذن تبدأ الأمور الغريبة بالحدوث، سترغب حتماً بالإختباء أو الهروب أنذآك، فما السر هنا؟

Outlast 2 قد تكون خير مثال عن ألعاب الرعب التي لا تحتاج الكثير لإخفاتك، القصة مُبسطة ولا تحتاج الكثير منك لفهمها، أم أن هذا ما ترغب اللعبة بجعلك تؤمن به؟ التلاعب بالأفكار هو ما تقدمه Oultast، والنهايات الواضحة أمر بعيد المنال هنا، لكن إلى ذلك الحين، ستعيش أسوأ لحظاتك، الرعب يقف مُباشرة أمامك، لا حاجة للحظات القفز المفاجئ هنا كثيراً، وهذا ما يجعلني أفضل هذه السلسلة أكثر من بقية ألعاب الرعب الحديثة على الأقل.

خلاصة القول، ألعاب الرعب تحتاج لثلاث عناصر لتُقدم أفضل تجربة ممكنة، بيئة مُصممة بعناية تبعث على الخوف أثناء البدء في استكشافها، لحظات طويلة من التجوال قبل حدوث شيء ما، وأهم شيء، قصة أصلية. ألعاب الرعب قصصية بالدرجة الأولى، لذا من المهم الحصول على لعبة بحوارات جيدة، هدف يدفعك للاستمرار وتطور مُتسلسل للأحداث، منظور اللعب قد لا يكون مُهماً هنا حسب قدرة المطور على تحقيق تلك النقاط بالشكل المثالي، لكن من رأيي الشخصي فمنظور الشخص الأول أفضل بكثير لأسباب ذكرتها أعلاه.

 

معاذ محسين
ألعاب الفيديو، وقهوة ساخنة.