لن يمر قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة العربية السعودية، مرور الكرام، حيث أثار القرار بالفعل ضجة كبيرة، لكن الأهم هو ما سيسفر عنه مثل هذا القرار على مستويات أهم مثل المستوى الاقتصادي والتطور الذي سيعرفه قطاع السيارات بصفة عامة في المملكة، مثل هذا التطور مرتبط بصفة خاصة بالمجال التقني، بالنظر إلى أن التقنية متعمقة بالفعل في مختلف المجالات، ولها حضور قوي في مجال قطاع السيارات، لذا فإن هذا المجال على موعد مع نمو كبير بانضمام المرأة السعودية، ومع انضمام عنصر جديد، تظهر تحديات ومشاكل تحتاج إلى حلول، وهنا يبرز دور رائد الأعمال أو ربما رائدة الأعمال بصفة أدق، لاستغلال قطاع شبه خام لتقديم حلّ على شكل مشروع ريادي ناجح.
يحتاج رائد الأعمال لإيجاد أفكار فريدة من أجل تقديم حلّ لمشكلة قائمة، هذه المشكلة ربما لا تكون مشكلة بما تحمله الكلمة من معنى، لكن يمكن القول أن أي مجال جديد يفتقد لعدة لبِنات أساسية من أجل تقديم المأمول منه للشريحة المستهدفة، وهو ما يمكن أن ينطبق حاليًّا على مجال قيادة المرأة السعودية للسيارة، حيث أن هنالك العديد من الأفكار الناجحة التي يمكن أن يتم بناؤها على هذا القطاع الجديد، وطبعًا ستكون البداية غالبًا هي توفير بدائل لبعض الأفكار الأخرى المعروفة في نفس القطاع بدول أخرى، مثل خدمات سيارات الأجرة الخاصة مثل أوبر، لكن عدد الفرص غير محدود، والبدايات دائمًا ما تكون أفضل وقت للبدء بتنفيذ فكرة جديدة.
وتمتلك المرأة السعودية فرصًا أكبر من أجل ابتكار أفكار واعدة كونها الفاعل الأساسي في هذا القطاع، فغالبًا ما تكون الأفكار الفعالة والناجحة نِتاجًا لمشكلة عانى منها صاحب الفكرة، حيث تكون لديه فكرة واضحة حول مكامن الخلل كونه يعاني بنفسه من المشكلة، الشيء الذي ينعكس إيجابًا على كيفية تعامله مع الفكرة من منطلق رائد أعمال يبحث عن فكرة تقدم حلًّا فعالًا يمتلك مجالًا للنمو والتطور وتحقيق النجاح المطلوب كمشروع تجاري. وعليه، سيكون على الكفاءات النسوية السعودية الطموحة استغلال مثل هذه الفرصة الثمينة وقطع خطوات ثابتة وحثيثة من أجل بناء اللبِنة الأولى لمشروع ريادي قادر على تقديم إضافة في المستوى لهذا السوق الناشئ، وحجز مكان مبكر ضمن هذا القطاع الذي ينتظر أن يشهد ازدهارًا سريعًا.
ازدهار قطاع السيارات مع وصول المرأة السعودية لكرسي القيادة، لن يكون نتاجًا لأمر ملكي سمح للمرأة بامتلاك سيارة وقيادتها فقط، بل هو نتاج لنظرة شاملة ومخطط مسبق مبني على بناء قطاع حيوي على أسس متينة، حيث يبدو جليًّا أن المملكة تقطع أشواطًا مهمّة نحو تحقيق رؤية 2030، مع استمرار اتخاذ قرارات مهمة وحيوية، لذا من الطبيعي أن يكون لهذا القرار ارتباط بعدة مجالات حيوية أخرى ستساهم إيجابًا في النمو السريع لهذا القطاع مع إشراف الحكومة السعودية على دعمه وتسريع نموه بشكل لائق، لذا يجب استغلال مثل هذه الفرصة ومحاولة استغلال أي ارتباط سواء تقني، تجاري، ثقافي…في الخروج بمشاريع ريادية تتناسب مع الظرف الزمني الاستثنائي، كما على الكفاءات النسوية السعودية محاولة التفكير في أي مشكلة قد تواجههن في حياتهن الجديدة كسائقات على أرض المملكة، والإتيان بأفكار فريدة تعزز من نجاحهن كشريحة فاعلة في المجتمع وترفع مستوى القطاع بشكل عام.
هذا ولا يمكن تفويت الدعم الكبير الذي لقيه قرار السماح للمرأة بالقيادة في المملكة السعودية من طرف العديد من الشركات العالمية، حيث من الطبيعي أن تسعى مثل هذه الشركات إلى الدخول مبكرًا إلى قطاع مازال يخطو خطواته الأولى، الشيء الذي يفتح المجال أمام فرص من نوع آخر، إذ ينتظر أن توفر استثمارات مثل هذه الشركات فرص شغل عديدة للمرأة السعودية بالنظر إلى حاجة السوق إلى كفاءات نسوية لاعتبارات ثقافية، وهو ما يمكن اعتباره إحدى إيجابيات قرار السماح للمرأة السعودية بالقيادة، حيث ستستفيد المملكة من تكوين عنصر نسوي فعال ذو خبرات مهمة على مستوى إدارة الأعمال على وجه الخصوص.