مازال هاتف iPhone X يحظى باهتمام كبير حتى قبل صدوره في الأسواق، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى الميزات التي قدمتها آبل ضمن هاتفها المميز الجديد، إلى جانب سعره المرتفع الذي مازال يستحوذ على أقلام العديد من المهتمين بالشأن التقني، فمنهم من يحاول تبرير سعر هاتف آبل الجديد، من يعقد مقارنات بينه وبين هواتف أخرى، ومن يحاول تبيان عدم استحقاق الهاتف لهذا السعر، لكن بعيدًا عن كل هذه التفسيرات والمقارنات، سيكون من الأفضل النظر إلى قيمة الهاتف الجديد في السوق كمنتج، والأسباب التي تدفع آبل لتقديم الهاتف بهذا السعر حسب وجهة نظرها.
وعند سؤال رئيس آبل التنفيذي تيم كوك في أحد البرامج التلفزيونية حول رأيه في كون سعر هاتف iPhone X الجديد يفوق قدرة المواطن الأمريكي العادي، جاء رد كوك ليصف سعر هاتف الآيفون الجديد بسعر القيمة، حيث لم يُجب بشكل مباشر على السؤال، وركز عوضًا عن ذلك على حقيقة شراء المستخدمين لهواتفهم بطرق يمكن وصفها بالمريحة، حيث تتوفر إمكانية اقتناء الهواتف الذكية وعدة منتجات أخرى في أمريكا ودول أخرى بالتقسيط، إلى جانب طرق شراء أخرى تخفض من سعر الهاتف أو تجعل الدفع أقل صعوبة من دفع المبلغ دفعة واحدة، مثل إمكانية تبديل هاتف المستخدم الحالي بالهاتف الجديد مع دفع مبلغ إضافي، وعروض شركات الاتصالات التي تجعل من الدفع لأي هاتف ممكنًا لمختلف المستخدمين.
وبالعودة إلى جواب تيم كوك ورأيه حول هاتف iPhone X الجديد، فإن سعر الهاتف يعكس قيمته، بالنظر إلى التقنية التي يحصل عليها المستخدم ضمن الهاتف، مشيرًا كذلك إلى طرق الدفع المسهلة التي تجعل شريحة كبيرة من المستخدمين لا يدفعون السعر الكامل للهاتف، ليتجه بعدها لتنصيب هاتف الآيفون -حسب رأيه- كحاجة أصبحت أساسية في حياة المستخدمين اليومية، الشيء الذي يجعل احتياجاتهم ومتطلباتهم تزداد أكثر فأكثر، وهو ما دفع آبل للاستجابة لذلك من خلال تقديم هاتف iPhone X بكل الميزات التقنية الجديدة التي يحتوي عليها. وعليه، يمكن القول أن آبل ترى هاتف iPhone X موجهًا لشريحة من المستخدمين الذين يريدون أن يتوفر هاتفهم على أحدث وأفضل التقنيات المتوفرة في السوق، حتى يكون بإمكانهم القيام بمختلف المهام، وهو ما يبدو منطقيًّا بالنظر إلى توفير آبل لخيارات آيفون 8 وآيفون 8 بلس ببعض المواصفات التي تتوفر ضمن هاتف iPhone X، لكن بسعر أقل وميزات أخرى غير عصرية، مثل التصميم على سبيل المثال.
وكون شركة آبل شركة عالمية، فإن جواب تيم كوك غير المباشر قد يكون منطقيًّا بالنسبة للقاطنين في الولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى التي تقدم عروضًا مشابهة تساهم في سهولة اقتناء هاتف iPhone X بهذا السعر، إلا أن ذلك لا ينطبق على بقية دول العالم، حيث لا توجد مثل هذه العروض بتاتًا في العديد من البلدان، وعلى رأسها البلدان العربية، صحيح أن بعض شركات الاتصالات تحاول تقليد مثل هذه العروض، إلا أنها تفشل دائمًا في صياغة عروض مريحة كتلك التي توفرها شركات الاتصالات الأمريكية، وهو أمر منطقي عند أخذ عدة أمور بعين الاعتبار، من بينها قدرة المواطن العربي الشرائية، الأسواق الخارجية المفتوحة، وعدة أمور أخرى. وعليه، إن كان ذلك اعترافًا ضمنيًّا من تيم كوك بأن سعر iPhone X يعد فعلًا سعرًا مرتفعًا على المواطن الأمريكي في حال دفعه بشكل مباشر، فالأمر ينطبق على العديد من البلدان الأخرى، لذا فإن هاتف iPhone X يبقى موجهًا لشريحة معينة من المستخدمين الذين لا يواجهون مشكلة في اقتناء هاتف بهذا السعر. وطبعًا يحق لأي شركة أن تضع السعر الذي تراه مناسبًا لمنتجاتها، خصوصًا شركة آبل التي تقدم بعض الميزات والتقنيات المميزة ضمن أجهزتها، إلى جانب نظام خاص ومميز واستثمارها في مجالات يمكن وصفها بالفريدة والثورية مثل الواقع المعزز. ولعل تقديم هاتفي آيفون 8 وآيفون 8 بلس بأسعار أقل والحفاظ على نفس التصميم القديم، يعد بمثابة طريقة لتسليط الضوء على هاتف iPhone X الأفضل من حيث التصميم وبعض الميزات الأخرى، وبالتالي قد تكون هذه في حد ذاتها طريقة لتبرير سعر الهاتف المرتفع.
ختامًا، يعتقد كثيرون أن الشعب الأمريكي شعب غني يسهل عليه اقتناء مثل هذه المنتجات ذات السعر المرتفع، لكن السؤال الموجه لتيم كوك وطريقة إجابة هذا الأخير عليه كفيلان بتبيان العكس، لذا يبقى الأمر مرهونًا بمدى فهم المستخدم لاحتياجاته ومدى قدرته على مقاومة إغراءات تقنيات التسويق والمبيعات، شأنه شأن أي مستخدم آخر. لذا فإن سعر 999 دولار يبقى سعرًا مرتفعًا بالنسبة لأي هاتف، كما أن وصف تيم كوك لسعر الهاتف بسعر قيمته ليس بالوصف المناسب.