Switch هو الاسم الذي اختارته شركة نينتندو العريقة لجهاز ألعابها الجديد الذي أطلقته هذا العام، ومن المفارقات اللطيفة أن اسم الجهاز بالإنجليزية يمكن ترجمته إلى “تحوّل” وهو ما حدث للشركة مع جهازها الجديد، حيث شهدت تحوّلًا من شركة معروفة تقدم ألعابًا رائعة لكن دون جهاز أو منتج ملموس يثبت حضورها في السوق، بعد الفشل الذريع لجهاز Wii U، إلى شركة تقدم ألعابًا مطلوبة مع جهاز ممتاز يحقق مبيعات ممتازة، وهو ما يعكس قدرة الشركات على العودة إلى الواجهة حتى بعد التعثر لأسباب مثل فشل منتج ما أو الوقوع في فخ مشكلة عويصة. وبعث جهاز Switch حياة جديدة في شركة نينتندو، حيث أصبح الجهاز بالفعل أسرع جهاز تبيعه الشركة على الإطلاق، ببلوغه مبيعات 5 ملايين وحدة منذ إطلاقه في شهر مارس من العام الجاري، مع صعوبة إيجاده في بعض الأسواق. ولا يتعلق الأمر هنا بأجهزة نينتندو المحمولة الأخرى، حيث يتم التركيز على جهاز رئيس يقوم مقام أجهزة بلايستيشن وإكس بوكس بالنسبة لشركات سوني ومايكروسوفت.
وبعيدًا عن الأرقام التي تعد ذات أهمية كبيرة في مسيرة أي شركة، نجح جهاز Switch في استعادة الشركة اليابانية لهويتها، حيث يتميز الجهاز بمرونة كبيرة، كونه يتيح للمستخدمين لعب الألعاب سواءً عند تنقلهم أو عند تواجدهم في المنزل، الشيء الذي أتاح لنينتندو استعادة مكانتها ضمن سوق الألعاب، علمًا أن جهاز Switch لا يتنافس بشكل مباشر مع أجهزة ألعاب رائدة مثل بلايستيشن وإكس بوكس، بل يحلق بمفرده خارج السرب، بتقديمه لتجربة استخدام مميزة، حيث يجمع بين حب المستخدمين لتجربة لعب الألعاب في المنزل، وتجربة لعب الألعاب أثناء التنقل، هذه الأخيرة أصبحت منتشرة بكثرة مع نمو سوق ألعاب الأجهزة المحمولة، مثل ألعاب أندرويد وiOS، وهو مجال تبرع فيه شركة نينتندو بالفعل من خلال أجهزة ألعاب محمولة مثل 3DS و2DS XL التي تلقى بالفعل إقبالًا كبيرًا وانتشارًا واسعًا في اليابان وأمريكا الشمالية على وجه الخصوص، وبتوفيرها لتجربة استخدام متنقلة مع ألعاب حصرية خاصة بها تلقى بعضها نجاحًا باهرًا، فإن الشركة اليابانية قد اختارت طريقًا يصعب على الشركات الأخرى اللحاق بها أو منافستها فيه، صحيح أنها استغرقت وقتًا طويلًا لتحقيق مثل هذا الإنجاز، لكن ما يجب ملاحظته هنا هو نجاحها في استثمار نقاط قوتها المتمثلة في الألعاب وخلق منتج يستوعب هذه النقاط ويقدمها للمستخدم في وعاء مميز، مع محاكاة تجربة استخدام الأجهزة المحمولة بشكل رائع.
وبالعودة للحديث عن جانب الألعاب التي تقدمها نينتندو، لا يختلف الأمر كثيرًا، حيث قد تكون هذه أفضل سنة تمر بها الشركة اليابانية من حيث طرح ألعاب جديدة، فإصدار لعبة Zelda الجديد Breath of the Wild يعد بالفعل أكبر نجاح للعبة على الإطلاق، حتى أن مبيعات اللعبة قد تجاوزت مبيعات جهاز Switch لفترة. ولم يساهم إصدار اللعبة الجديد الذي يتميز بنمط العالم المفتوح في إحياء سلسلة The Legend of Zelda فحسب، بل لعبت دورًا هامًّا كأنسب وأفضل مثال لتجربة اللعب على جهاز Switch الجديد، لتضرب نينتندو أكثر من عصفور بحجر واحد، وتواصل بعدها طرح ألعاب أخرى مثل نسخة محسنة من لعبة Mario Kart 8 ذات الشعبية الكبيرة، إصدار جديد من لعبة Splatoon الفريدة، ولعبة قتال جديدة تدعى Arms وتتميز بإمكانيات كبيرة، بالإضافة إلى شراكة مميزة مع Ubisoft نتجت عنها لعبة Mario + Rabbids: Kingdom Battle الاستراتيجية.
ولا يبدو أن تقديم نينتندو لجهاز Switch الناجح كتقديم أي شركة أخرى لمنتج جديد، حيث أن هنالك ترابطًا كبيرًا بينه وبين المحتوى الذي تقدمه الشركة مثل الألعاب السابقة السالفة الذكر، مع عمل الشركة بالفعل على عدة ألعاب أخرى في الوقت الحالي ينتظر أن تعزز حضور الجهاز في السوق، وتحقق بحد ذاتها أرباحًا طائلة للشركة، إذ أن لعبة Super Mario Odyssey ستصدر الشهر المقبل، حيث سيكون عشاق اللعبة العريقة على موعد جديد مع إصدار جديد سيتوفر على جهاز Switch، وبالتالي فإن نينتندو تضمن بالفعل شريحة من المستخدمين الذين يعشقون هذه السلسلة، إلى جانب عدة ألعاب أخرى أعلنت الشركة في حدث E3 2017 أنها تعمل على تطويرها. وتجدر الإشارة إلى أن المراجعات الأولى لجهاز Switch بعد فترة قصيرة من صدوره، كانت قد أشارت إلى قلة الألعاب التي يدعمها الجهاز آنذاك، لكن الجهاز قد حقق بالفعل مبيعات ممتازة منذ صدوره، مع وجود خطة مسبقة من نينتندو لتوفير ألعاب قوية على منصتها الجديدة، الشيء الذي يجعلنا نستبشر بمستقبل زاهر للشركة اليابانية، بالموازاة مع النجاح الكبير الذي حققته بالفعل العام الماضي مع لعبة Pokemon Go.
وهكذا، تكون شركة نينتندو قد ضمنت بالفعل مقعدًا مريحًا في سوق أجهزة الألعاب، حيث لا يتوقع أن تنخفض مبيعات جهاز Switch الذي يبدو أن الشركة تواجه بالفعل مشكلة في تلبية الطلبات الكبيرة عليه، وبغض النظر عما إذا كان ذلك راجعًا إلى شعبية الجهاز أو سوء تقدير الشركة لحجم الطلبات، فإن الجهاز يحمل بالفعل كامل مقومات المنتج الناجح الذي استطاع إعادة الشركة إلى الواجهة، مع ضرورة التنويه بالخطة المرسومة من طرف الشركة اليابانية لإنجاح جهازها عبر تطوير ألعابها الخاصة وعقد شراكات مع جهات أخرى من أجل توفير ألعاب مطلوبة على منصتها الجديدة.