أتذكر أولى الألعاب الرقمية التي حصلت عليها منذ أن كُنت في الخامسة، لم أهتم بالقصة أو مايجري حولي أثناء اللعب.. شيء طبيعي.. فقد كان أسلوب اللعب والشخصيات إلى ما ذلك، كافية بشد اِنتباهي وتركيزي على تحقيق أعلى النتائج والقضاء على كل أعدائي! لكن هل أستطيع قول ذلك اليوم؟ هل تكفيني تجربة إطلاق النار على كل شيء يتحرك؟
طبعاً، هذا الأمر ليس شخصياً بقدر ما يواجه كل لاعب من مُختلف أنحاء العالم.. البعض يرغب فقط بألعاب تقدم الترفيه المرغوب به، لكن أصبحنا أيضاً نُفضل ألعاباً بقصص مختلفة، مؤثرة، مشوقة وكوميدية. عند صدور أول جزء من أنشارتد.. اِعتقدت أنها ستكون لعبة فاشلة نوعاً ما لتقديمها عناصر جديدة ومختلفة عن باقي الألعاب.. من مقاطع سينمائية وحوارات ذكية تستمر طِوال اللعبة. طبعاً، يمكنك ملاحظة أنني كنت على خطأ، فلعبة أنشارتد أصبحت واحدة من أنجح سلاسل الألعاب بل وقد غيرت مجريات صناعة الألعاب بشكل كبير، حيث أنها كانت أولى الألعاب التي قدمت ذلك الطابع الهوليوودي.. تشعر وكأنك تعيش حقاً مجريات اللعبة وتتعاطف مع شخصياتها، وهذا كان نادر الحدوث قبل عصر أنشارتد.
بدأت الكثير من استديوهات تطوير الألعاب بالتركيز على القصة، البعض نجح في ذلك.. البعض الآخر اكتفى بتكرار مايوجد في السوق، في كل إصدار ومُناسبة، ماجعلها تُعاني فيما بعد.. تماماً كما يحدث الآن مع كول أوف ديوتي، وعكس ذلك مع باتلفيلد التي عادت إلى أصولها التي ستركز على قصة شخصيات مختلفة، ماسيجعلك أنت كلاعب تصب 50 في المئة من انتباهك في القصة ومجرياتها، حيث أنها أصبحت جزءًا من أسلوب اللعب نفسه وليست مُجرد إضافة تجميلية.
نعم، فالقصص أصبحت اليوم تُشكل تأثيراً كبيراً على اللعبة، أنشارتد من جديد اِستطاعت جعل الأمر شيئاً سلساً، يجعلنا نعتقد أن على كل الألعاب أن تكون مثلها، وهذا ما أثبث نجاحه في ذا لاست أوف أس التي لاتزال تعتبر واحدة من أفضل ألعاب الفيديو في التاريخ. وكالعادة.. فليس كل شيء مُناسب للجميع!
القصص لاتهم فئة كبيرة من اللاعبين.. أمر واضح جداً، حيث أنه لاتزال هناك فئة وهي في ازدياد، ترغب فقط بإطلاق النار، قتل الأعداء، بل وحتى يتجاهلون أوضاع اللعب والقصة في عناوين مثل GTA 5 ليصبوا انتباههم الكامل على سرقة السيارات والتجول في المدينة.. وهذا أمر أراه غير عادلٍ بالنسبة لفِرق التطوير وتأليف القصة. لكن، وفي نفس الوقت، فأنا أجده أمراً طبيعياً.. فهناك ألعاب تسمح للجميع بقضاء الوقت في استهلاكها كما يرغبون ويشاؤون، خصوصا التي تقدم تجربة عالم مفتوح دون إجبار اللاعب بالتركيز على القصة وإكمال المُهمات.
نفتقر اليوم إلى ألعاب تقودها قِصص فريدة، قلة هي التي العناوين وفِرق التطوير التي تنجز الأمر على أكمل وجه.. ألعاب كثيرة خيبة ظني وظن لاعبين كُثر فيما يتعلق بتقديم فائدة وهدف “أسمى” فيما يتعلق بإكمال اللعبة.. فأنا لا أرغب باِقتناء لعبة فقط لمجرد أنها أجمل ما في السوق حالياً، أو لأنها ستقدم لي أكثر من 20 ساعة لعب.. أرغب بشيء يجعلني أتذكر اللعبة، أتعاطف مع شخصياتها.. حوار يجعلك تدرك مدى الجهد الذي تم صبه في هذه اللعبة، فهذا حقاً هو هدف صناعة الألعاب إلى جانب الترفيه.