آبل و FBI، القصة الكاملة!

خلال الأيام القليلة الماضية، احتلت قضية عملاق التقنية الأمريكي آبل والمكتب الفيدرالي للتحقيقات FBI عناوين الصحف وأثارث عاصفة من ردود الأفعال المختلفة بين عموم الناس وبين الشخصيات المؤثرة في ميدان التقنية كذلك.

Apple vs FBI explained (8)

فما القصة وماذا حدث بالضبط؟

البداية…

خلال الأسبوع الأول من شهر ديسبمر الماضي قام الزوجان سيد فاروق يوسف و تشفين مالك بشن هجوم مسلح في بلدة سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، الهجوم خلف 14 قتيل و22 جريح. الزوجين فرّا بعد ذلك من مسرح الجريمة ليتم إيجادهما خلال ساعات ويندلع اشتباك بينهما وبين الشرطة انتهى بمقتلهما.

بعد تفتيش أغراض الإرهابيين وجدت FBI هاتف آيفون 5سي بنظام iOS 9 خاص بالزوج سيد فاروق، هذا الهاتف كان محمياً برقم سري وهو سبب المشكلة الحالية بين آبل والحكومة الفيدرالية الأمريكية.

Apple vs FBI explained (2)

 

ما هي مشكلة الإف بي آي؟

بعد الاستحواذ على الهاتف، يتوقع مكتب التحقيقات الفيدرالي أن يحتوي هذا الآيفون على معلومات مهمة تتعلق بالأنشطة الإرهابية لهذين الشخصين مما يسهل بشكل كبير مسار التحقيقات.

المُشكلة أن FBI لا تستطيع فتح هذا الهاتف بدون أي مساعدة خارجية لثلاثة أسباب رئيسية:

  • هناك احتمال كبير أن سيد فاروق قد فعّل خاصية حذف كل بيانات الآيفون عند إدخال رقم سري خاطئ عشر مرات وهو ما تخشاه FBI.
  • الرقم السري يجب إدخاله يدوياً، واحداً تلو الآخر، أي بدون استعمال أي جهاز خارجي قد يتسبب في تعطيل الهاتف.
  • نظام iOS يقوم بتعطيل الهاتف تلقائياً لمدة معينة بعد إدخال الرقم السري بشكل خاطئ لعدد محدد من المرات.

Apple vs FBI explained (5)

ماذا تريد الإف بي آي بالضبط؟

كما أسلفنا بذكره، فحماية الآيفون هذه لا يُمكن كسرها من طرف إف بي آي وحدها، لذا تم اللجوء إلى الشركة الأم “آبل” لطلب المُساعدة في حل هذه المُشكلة، هذا الطلب لم يأتِ بشكل مُسالم بل تم إقراره من طرف قاضي في محكمة فدرالية طلبت من آبل إنشاء Backdoor يسمح للإف بي آي بفتح الهاتف عن طريق Brute Force، أي ايصال الهاتف بحاسوب ثم تجريب جميع التركيبات الممكنة للرقم السري (10 آلاف تركيبة مختلفة) دون الاصطدام بالعراقيل المشار إليها أعلاه. (وثيقة المحكمة)

حيث يظهر أن المحكمة طلبت من آبل:

  • إلغاء خاصية حذف جميع البيانات في حال كانت مفعلة.
  • السماح للآيفون بقبول تركيبات الرمز السري بطريقة آلية، عن طريق الحاسوب.
  • إلغاء تعطيل الآيفون بعد كل عدد من التركيبات الخاطئة لتتمكن FBI من فتح الهاتف في أقصر وقت ممكن.

هذه الطلبات تشير إلى أن آبل، مُصنّع الآيفون، لا يُمكنها أيضاً فك تشفير الآيفون بشكلٍ مباشر!

Apple vs FBI explained (1)

لماذا لا يُمكن للـ FBI تطوير “الباكدورالمطلوب بنفسها؟

ما تطلبه FBI هو تقريباً نسخة جديدة معدلة من iOS تتوفر على الخاصيات الثلاث التي أشرنا إليها. المُشكلة أنه عندما يريد شخص ما تحديث الآيفون إلى نسخة أخرى من النظام فالجهاز يكون في وضع Device Firmware Upgrade أو DFU، عند التواجد في هذا الوضع فالهاتف يقبل نسخ iOS المتوفرة على توقيع إلكتروني “signature key” مُحدد. هذا النوع من المفاتيح توفره آبل فقط!

ماذا لو كان هاتف فاروق يوسف هو آيفون 5إس فما فوق؟

مع إصدار آبل لهاتف آيفون 5إس سنة 2013 قامت ولأول مرة بإضافة قارئ البصمات Touch ID بالإضافة إلى نظام حماية جديد يحمل اسم Secure Enclave، حيث تم تزويد الآيفون الجديد بمعالج إضافي خاص بهذا النظام ليقوم بإدارة الملفات المُشفرة، Keychain و Apple Pay في الهواتف اللاحقة. هذا النظام يقوم بربط الرقم السري للآيفون مع رقم آخر خاص به، مما يجعل فتح الآيفون يتطلب التوفر على كلا المفتاحين من طرف إف بي آي بالإضافة إلى أن النظام يتوفر على سجل خاص به لعدد التركيبات التي تمت تجربتها على الآيفون فيقوم، بعد 9 محاولات فاشلة، بتمديد المدة الفاصلة بين كل محاولة إلى ساعة كاملة.

في هذه الحالة ورغم أن التفاصيل غير واضحة بخصوص Secure Enclave، يقول بعض الخبراء في المجال أن آبل يمكنها تعديل هذه المدة الفاصلة وبالتالي لو توفر فاروق يوسف على آيفون أحدث لكان على الإف بي آي طلب باكدور خاص بنظام الحماية هذا أيضاً.

Apple vs FBI explained (2)

السؤال الأهم، ماذا كان ردّ آبل؟

حماية بيانات المُستخدمين وخصوصيتهم من أكثر النقاط التي تركز عليها آبل، وهي من بين مبادئ الشركة التي أوصلت آبل إلى الشهرة التي نراها اليوم.

المدير التنفيذي للشركة، تيم كوك وفي رسالة مطولة موجهة لعموم المستخدمين على موقع الشركة قال أن ما طلبته الحكومة الأمريكية شيءٌ غير مسبوق ويهدد خصوصية المستخدمين في المدى البعيد الذي يتجاوز القضية المطروحة حالياً، وهو ما لا يمكن القيام به.

Apple vs FBI explained (4)


نص رسالة آبل على موقعها الرسمي: A Message to Our Customers


ردود الأفعال…

هذه القضية أثارت ردود أفعال مختلفة في جميع أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة بشكلٍ خاص، ردود أفعال كانت معظمها مؤازرةً لآبل، كموقف المدير التنفيذي لغوغل Sundar Pichai، مؤسس واتساب Jan Koum، إدوارد سنودن بالإضافة إلى عدد من المنظمات الحقوقية. فيما كانت هناك ردود أفعال مخالفة كرد فعل مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة Donald Trump.

Apple vs FBI explained (3)

رد الفعل الأكثر غرابة أو شجاعة إلى غير ذلك من الأوصاف… قد يكون من طرف John McAfee، مؤسس شركة McAfee للحماية وأحد أفضل الهاكرز في التاريخ، السيد McAfee وجه رسالة إلى اللإف بي آي قائلاً:

“هذا عرضي للـ FBI، سأقوم، مجاناً، بفك تشفير الهاتف المتعلق بقضية سان بيرناندينو أنا وفريقي، حيث سنقوم وبشكلٍ أساسي باستخدام الهندسة الاجتماعية Social Engineering وسيتطلب الأمر ثلاثة أسابيع. إذا تم قبول العرض فسيتم إلغاء طلب مساعدة آبل لأن خطوةً كهذه ستكون بداية النهاية لأمريكا. أما إذا كنتم تشككون بقدراتي فقوموا باستعمال غوغل للبحث عن “Cybersecurity legend” عندها سترون الاسم الذي يظهر في العشر نتائج الأولى من ضمن أكثر من ربع مليون نتيجة بحث”.

Apple vs FBI explained (6)

كلمات أخيرة

من أجل إعطاء فكرة عن خطورة الأمر، فالأمر يتجاوز قضية سان برناردينو كما قال تيم كوك، فإذا قامت آبل بالرضوخ لطلبات FBI، ما الذي يمنع هذه الأخيرة من استخدام هذا النظام في هواتف أخرى؟ ما الذي يمنع آبل من القيام بنفس الأمر مع حكومات أخرى؟ وماذا لو وصل هذا البرنامج إلى أيدٍ أخرى لم يكن موجهاً لها؟

 

Zarhouni
الكاتبZarhouni
مهتمّ بكلّ ما له علاقة بالتقنية والأعمال، أدرس الإدارة المالية وأسعى لتوفير محتوى عربي ذو مصداقية وجودة عالية.

اترك تعليقاً