جزيرة الألغاز، ذا ويتنس | The Witness | مُراجعة شاملة

إنّ التفكير بطرق مبتكرة خارج نطاق المألوف يجعل من كل شيء ممكنًا. نعم ستواجه الصعوبات والتحديات في أشياء لم تكن تتوقع في يوم من الأيام أن تفكر بها بهذا الشكل. إنه منطق العباقرة الذين يبحثون خلف المنظور، خلف ما تراه أعين الناس الطبيعيين وهذا ما تفعله لعبة The Witness

حاول النظر إلى ما هو حولك مرة، ثم كرر ذلك عدة مرات، ستلاحظ بعدها وفي إحدى المرات شيئًا جديدًا لم تكن تراه، وهنا المُفاجأة تكون والسؤال البديهي الذي سيتردد صداه في رأسك: كيف لم ألحظ ذلك من قبل!


بطاقة لعبة ذا ويتنس

The Witness


قصّة اللعبة

The Witness

إنه أنت.. في جزيرة مهجورة غاية في الروعة.. مليئة بالألغاز.. تستيقظ فجأة لتجد نفسك هناك.. كيف وصلت ومتى وأين تقع هذه الجزيرة لا تعرف.. كل ما تعرفه هو ضرورة اكتشاف شيء حول هذا السر الغامض..


أسلوب اللعب في The Witness

The Witness

في نفق مظلم إلى حد ما ستجد نفسك.. أمامك طريق واحد في نهايته باب مُغلق عليه لوحة صفراء ذات شريط.. يبدأ بدائرة وينتهي بنهاية عادية ولكن مُستديرة الحواف.. نعم.. إنه اللغز الأول.. نقطة الانطلاق الأولى نحو مئات الألغاز الأخرى..

تدور اللعبة في جزيرة مهجورة مُترامية الأطراف ومتعددة المواقع والبيئات.. فبين صخور ورمال وشواطئ وأنهار.. وأشجار وجبال ستجد نفسك أمام واحدة من أروع المناطق الطبيعية والمناظر الخلابة ذات الألوان الزاهية في عالم الألعاب.

ومن منظور الشخص الأول بشخصية مجهولة ليس لها اسم يُمكن أن يعتبرها كل لاعب أنّها شخصيته ستنطلق نحو حل ألغاز هذه الجزيرة الواحد تلو الآخر دون أي تسلسل مفروض عليك نوعًا ما.. حل هذه الألغاز سيؤدي بك إلى حل لغز الجزيرة وما تحتويه.. وفي الأسطر التالية سأتحدث عن هذه الألغاز بشكل عام، ولن أتطرق إلى أي شيء من شأنه إلقاء الضوء أو التلميح إلى أي حل، أو إعطاء فكرة أو إشارة قد تُساعدك في أي لغز مهما كان.. لذا يُمكنك القراءة دون أي قلق من إفساد مُتعة اللعبة وألغازها..

The Witness

كما ذكرنا فإنّ حل هذه الألغاز يكون بحسب رغبتك من أيّ منطقة شئت البدء.. ولكن هناك تسلسل مُعين لكل مجموعة من الألغاز.. بحيث يتوجب عليك البدء بحل أحدها حتى يُصبح التالي قابلًا للمُحاولة.

وتعتمد هذه الألغاز جميعها دون استثناء على مبدأ أساسي واحد وبسيط هو إيجاد الطريق الصحيح لحل لوحة أمامك مرسوم عليها ما يُشبه المتاهة ذات الطرق المُتعددة. حيث تنطلق دائمًا من نقطة دائرية وعليك الوصول إلى النهاية المُستديرة.. هكذا فقط.. ولكن الأمر أصعب بكثير مما قد تتخيل.. وفيه الكثير من الابتكار والتنوع والأفكار الإبداعية التي لم يسبق لي اختبارها في الحقيقة.

هذه المتاهات ستكون عادية في البداية ولكنها سُرعان ما تتعقد وتتحول إلى متاهات مشروطة بقوانين ورموز وأشكال عليك التقيد بها حتى يتم اعتبار الحل الذي قمت بتطبيقه صحيحًا. وليس هذا فحسب، بل قد تجد أحد الألغاز أمامك ولم يتم وضع أي رسم عليه أو رمز وهنا يكون التحدي الحقيقي، فهناك شيء عليك اكتشافه وربط الأفكار مع بعضها حتى تتمكن من حل مثل هذه الألغاز.

The Witness

تُجبرك اللعبة على البحث في كل شيء.. النظر إلى كل شيء.. التمعن في كل شيء.. ليس فقط لأنه جميل من حيث التصميم بل لأسباب أعمق من ذلك بكثير.

وهنا وجدت المُتعة الحقيقية في اللعبة.. كل ما هو حولك موجود لسبب وليس لاستكمال المنظر فحسب.. كل شيء دون استثناء تقريبًا.. ستعلم عمق هذه العبارة عندما تجد نفسك عالقًا أمام أحد الألغاز الذي يبدو بسيطًا ولكنك تعجز عن حله.. والسبب في طريقة نظرك إليه.. وهي الفكرة الثانية التي ستُجبرك اللعبة بقوة على أخذها بعين الاعتبار.

إذ يجب عليك التفكير بطريقة غير عادية.. أسلوب جديد.. فكر خلف ما تراه عيناك.. فكر في كل ما مررت به.. قد لا تجد شيئًا وهذا طبيعي.. إذ أنّ الأساس هو النظر إلى كل لغز ومكان تمر فيه عشرات المرات.. وبعدها بالتأكيد سيبدأ عقلك بالتحليل أكثر ورؤية الأشياء من منظور مُختلف.. وأحيانًا ستجد أنّ الحل أبسط مما توقعت بكثير لدرجة أنه لم يخطر في ذهنك.. إنه أمامك ولكنك لم تره!

وفيما يخص الرموز والأشكال في الألغاز فهي منطقية للغاية؛ بعضها بسيط وبعضها صعب جدًا، ولكن عليك إتقانها وفهم مبدأ كل منها حتى تتمكن من حل ألغازها ومتاهاتها. وفي هذا الخصوص ستجد أحيانًا أحد الألغاز وقد رُسمت عليه الكثير من الرموز الجديدة التي لم يسبق لك اختبارها.. وفي مثل هذه الحالات عليك أن تعلم يقينًا أنّ شيئًا ما سيدلك إلى معاني هذه الرموز وما تُشير إليه.. وستُعلمك اللعبة بأسلوب التجريب مُعظمها.. وأقول مُعظمها لأنّ بعض الألغاز سيكون عليك اكتشافها بنفسك.. وأؤكد لك بأنّ كل لغز مبني على شيء منطقي بمُجرد اكتشافه ستشعر برضى كبير وحافز رهيب لحل اللغز الذي يليه!

The Witness

بعد تقدمك نوعًا ما سترى جبلًا مُرتفعًا يُطل على الجزيرة بأكملها المفتوحة أمامك.. وكنتيجة لحل بعض الألغاز بالتسلسل الصحيح سينطلق شعاع من الضوء من بعض الأماكن نحو هذا الجبل.. وهنا السر الرئيسي.. تابع حل الألغاز من أجل معرفة هذا السر.. ولن أقول أكثر من ذلك في هذا الشق حتى لا أفسد عليكم المُتعة..

اللعبة لا تُقدّم شيئًا سوى الألغاز.. فالشخصية لا يُمكنها التفاعل إلا مع الألغاز.. ولا يُمكنها إلا السير والركض فقط.. لا يوجد أعداء ولا أسلحة ولا شيء آخر.. ألغاز فقط.. الكثير جدًا من الألغاز.. ولكن هناك بعض الأشرطة الصوتية المُسجلة المُنتشرة في أنحاء الجزيرة والتي يُمكنك الاستماع إليها في حال اكتشفت وجود أحدها. تتضمن هذه الأشرطة اقتباسات لبعض العلماء والعباقرة والمُفكرين وغيرهم.. وبعضهم سيكون له مدلولات إلى أشياء أساسية قد تكون ذات معنى أو فائدة في رحلتك في حل الألغاز وفهم واقع ما تراه حولك.

The Witness

الأمر الجميل جدًا هو إمكانية الإبحار حول الجزيرة في قارب مُخصص ينقلك بين المناطق الأساسية في اللعبة ستتمكن من اكتشاف مكانه وآلية استخدامه عند الوصول إلى مكان مُعين. أيضًا الأمر الجميل الآخر هو توفر اللعبة بالعديد من اللغات من بينها اللغة العربية وذلك فيما يخص الترجمة التي تظهر على الشاشة بالإضافة إلى واجهة الخيارات.. هذا الأمر سيضمن لك فهم كل شيء تتضمنه التسجيلات الصوتية ومقاطع الفيديو وهو الأمر الذي ركّز المطورون عليه جدًا بأسلوب لا يؤثر على أي شيء.


الرسومات 

عالم ذا ويتنس (The Witness) واحد من أروع عوالم الألعاب التي رأيتها بكل معنى الكلمة.. لقد وجدت نفسي أستمتع بالنظر إلى كل شيء ليس بهدف فهم شيء معين أو حل لغز أو ما شابه إنما من أجل الاستمتاع بالمناظر فحسب في كثير من الأحيان.. لقد قمت بالتقاط الكثير الكثير من الخلفيات الرائعة لسطح المكتب من هذه اللعبة.. كلما تجولت أكثر وجدت ما هو أجمل بتفاصيل بسيطة غاية في الروعة.

أيضًا من أبرز مميزات رسومات ذا ويتنس (The Witness) هي الألوان.. لقد تم انتقاء الألوان الزاهية ذات التأثيرات الرائعة على عين المُشاهد أو اللاعب. سيلفت نظرك التباين والإنسجام في الألوان بطريقة غريبة ومُمتعة ورائعة في الوقت نفسه.


أصوات اللعبة

لم يتم اعتماد أي موسيقى في اللعبة أو خلفيتها خلال التجول وحل الألغاز وذلك لأنها ستكون ذات تأثير سلبي على التجربة العامة وعلى مدى التركيز بحسب ما صرّح به مُطور اللعبة (Jonathan Blow). لذا فقد تم الاعتماد فقط على الأصوات الطبيعية للبيئة من حولك. هذه الأصوات تم تسجيلها بعناية فائقة تُرغمك دائمًا وتُذكرك دائمًا بأنك وحيد على هذه الجزيرة ولا يوجد معك أي أحد.. إنه صوت الوحدة بكل معنى الكلمة.. وقد برع المطورون في تجسيد هذه الفكرة وإيصالها بقوة إلى اللاعب برأيي الشخصي.

ستسمع أصوات الرياح وأمواج البحر على الشواطئ.. أيضًا أصوات تلاعب الهواء بأوراق وأغصان الأشجار.. كذلك أصوات الشلالات وصفير أو أزيز ما يشبه الكهرباء في بعض الأماكن.. أيضًا هناك الكثير من التأثيرات المتنوعة التي ستسمعها عند تطبيق الألغاز أو حلها سواء بشكل صحيح أم خاطئ.. وفي الحقيقة جميع الأصوات في اللعبة رائعة جدًا وذات جودة عالية.


مدة لعبة The Witness وقيمة الإعادة

ذا ويتنس (The Witness) طويلة جدًا.. فمع أكثر من 650 لغز ستكون بحاجة إلى أكثر من 80 ساعة من التفكير والتجول واللعب. وبالرغم من أنّ إنهاء الهدف الرئيسي في اللعبة لا يشترط إتمام جميع ألغاز اللعبة ولكنك دون شك ستجد دافعًا داخليًا وصوتًا قويًا يُرغمك على العودة إلى الجزيرة ومُحاولة حل أصعب ألغازها أو تلك التي تركتها خلفك دون حل وهنا يكمن سر قوة هذه اللعبة التي تستحق التميز بجدارة وقوة.

نعم ستشعر بالإحباط في الكثير من المواقف وأمام الكثير من الألغاز ولكن يجب عدم الاستسلام وفي الوقت نفسه ترك الأمر المُستعصي ومُحاولة الابتعاد عنه فترة من أجل منح العقل فرصة كافية للتحليل والتفكير.

لذا يجب التنويه بشدة إلى أنّ هذه اللعبة ليست للجميع.. إنها مُناسبة فقط لمن يُحبون الألغاز في الدرجة الأولى.. ولكنها ليست ألغاز عادية.. إنها ألغاز صعبة للغاية في كثير من الأحيان، فقد صرّح مطور اللعبة (Jonathan Blow) أنّ بعض هذه الألغاز لن يتمكن من حله سوى واحد بالمئة فقط من اللاعبين.. فلا تقم بإهدار أية أموال على هذه اللعبة مالم تُدرك يقينًا معنى ذلك.


كلمة أخيرة حول لعبة ذا ويتنس The Witness

بعد تطوير دام لأكثر من سبع سنوات تم الإعلان أخيرًا وطرح الإصدار النهائي الرائع من لعبة ذا ويتنس (The Witness). لقد كان التميز واضحًا من اللحظة الأولى التي أبصرتُ فيها النور عند خروجي من النفق الأول تحت الأرض.

كل شيء في اللعبة يبدو بسيطاً من حيث التفاصيل ولكنه من حيث التصوير والتجسيد والألوان كان رائعاً جداً. الأصوات في اللعبة تزيد من شعورك بما هو حولك.. كما تزيد من تركيزك بقوة على كل فكرة لكل لغز مهما كان.

حجم الجزيرة التي اعتمدت فكرة العالم المفتوح وما تضمنته من أماكن رئيسية ومعالم مُختلفة كانت أكثر من رائعة.. والأكثر روعة وإثارة كان الأفكار التي ستكشفها لك الألغاز وتنطق بها تلك اللوحات المنتشرة في كل بقعة من هذه الجزيرة الغامضة!

Mahmoud Abdullatif
الكاتبMahmoud Abdullatif
أعشق الجرافيك والأنيميشن، والاستمتاع بهما، وبالتأكيد في الدرجة الأولى في ألعاب الفيديو، ولا أجد سعادتي الحقيقية إلا عند السعي وراء اكتشاف خفايا هذه اللعبة أو تلك؛ والغوص والكتابة عن ذلك بكل دقة واحترافية!

اترك تعليقاً