الحرب.. لا شيء أسوأ من حرب لا تنتهي.. ومن تبعاتها التي تدمر كل مظاهر الحياة.. والأسوأ من هذا كله هو الاستخدام المستهتر لأسلحة الدمار الشامل التي تُخلّف ما هو أسوأ من مجرد الموت.. إنه التشوه والضرر الدائم.. التأثير السلبي على كل حجر أو بشر أو نبات أو حيوان.. وليس ليوم أو شهر أو عام.. بل قد يمتد إلى مئات الأعوام.. دون أي قدرة على استعادة حياتنا الجميلة مع من نحب، وبين من نحب..
عن اللعبة
– النوع: RPG
– المطور: Bethesda Game Studios
– الناشر: Bethesda Softworks
– تاريخ الإصدار: 10/11/2015
– إمكانية اللعب بشكل فردي.
– دعم كامل ليد التحكم (لمن يرغب باللعب على الكمبيوتر).
– الأجهزة: PC, PS4, Xbox One
قصّة اللعبة
إنه الثالث من شهر نوفمبر لعام 2077.. في هذا اليوم الذي يعتبر نقطة تحول في تاريخ البشرية وبعد مرور عشرة أعوام من انتهاء أحداث الجزء السابق فول آوت 3 (Fallout 3) يحدث ما لم يكن متوقعًا أبدًا.. لقد تم إسقاط قنبلة نووية على الناس الآمنين في منازلهم.. في بوسطن عاصمة كومنولث ماساتشوسيتس، الولايات المتحدة، والمدينة الأكبر بها. وهيَ تعتبر العاصمة غير الرسمية للمنطقة المعروفة بإنكلترا الجديدة، وهي من أقدم وأغنى وأهم المدن الكبرى في الولايات المتحدة.
تبدأ الأحداث مباشرة عند سقوط القنبلة حيث يتم إخلاء السكان ووضعهم في ملاجئ خاصة معروفة باسم (Vaults).. ولكن للأسف ليست للجميع.. وفي الحقيقة لم يكن الوقت لصالح الجميع أبدًا.. حيث ينجو البطل وزوجته وطفله الصغير بأعجوبة وفي اللحظة الأخيرة.. ولكن وبعد وضعهم في حافظات مبردة لمدة 210 أعوام يستيقظ فجأة لتبدأ الأحداث المأساوية الحقيقية التي تمس به وبعائلته الصغيرة.. والتي سأترك لكم متعة اكتشافها في الدقائق الأولى من اللعبة..
أسلوب اللعب
إذا كنت من مُتابعي هذه السلسلة أو على الأقل الإصدار السابق منها فعلى الأغلب لن تجد الكثير من الفرق في الأسلوب الأساسي الذي تعتمد عليه لعبة فول آوت. فكما جرت العادة ستكون من البداية على موعد مع تحديد جنس شخصيتك الرئيسية سواء ذكر أم أنثى، بالإضافة إلى إمكانية تعديل شكلها ومظهرها كما ترغب ويحلو لك. وقد تم في هذا الجزء الاهتمام أكثر بالتفاصيل وأن يكون اللاعب قادرًا على ضبط مستوى كل شيء من خلال ميزة السحب بشكل حر دون الالتزام بسلايدرات مُسبقة ومحدودة. كل شيء قابل للتعديل من لون البشرة إلى الأعين والشعر ومختلف تفاصيل الوجه الأخرى والتي من شأنها منحك فرصة جميلة لتشكيل شخصية فريدة تمامًا وخاصة بك.
ثم بالطبع ستقوم بتسمية شخصيتك بالاسم الذي ترغب به لتنطلق في اللعبة. والبداية ستكون من بيت هادئ جميل ودافئ يبعث على الطمأنينة والراحة، حيث الرجل وزوجته وطفله الرضيع بالإضافة إلى الروبوت الآلي الذي يُشرف على المنزل.
وبعد أن تتجول في المنزل لاكتشافه وفجأة سترد بعض الأنباء عن الهجوم النووي الذي سيكون السبب الرئيسي لهروبك مع عائلتك إلى الملجأ.. وبعد الأحداث المأساوية وبعد 210 أعوام ستجد نفسك أمام الخراب والدمار الهائل والبيئة المعروفة في عالم فول آوت.
من منظورين سلسين للغاية هما منظور الشخص الأول الذي تم تطويره بشكل رائع وملحوظ ومنظور الشخص الثالث ستقود شخصيتك في مهمات متنوعة ومتشعبة في خريطة وعالم مفتوح ضخم للغاية ويضم عدد هائل يصل إلى المئات من المواقع القابلة للاستكشاف والسبر.
وبالتأكيد خلال هذه المهمات وخلال عمليات تنقلك ستواجه الكثير من المخلوقات الغريبة والتي تعتبر نتيجةً للتلوث النووي الذي لازال أثره واضحًا على كل شيء من حولك. بالإضافة إلى الكثير من الأعداء الذين يضمرون الشر لك ويسعون بشتى الوسائل والطرق ومختلف أنواع الأسلحة إلى القضاء عليك. وسيكون عليك محاربة كل شيء من أجل الحفاظ على ممتلكاتك والبقاء على قيد الحياة.
وفي سبيل إنجاز هذا كله سيكون بإمكانك اختراع أسلحتك الخاصة وإعادة هيكلتها أو تطويرها والتعديل عليها بمختلف الوسائل الأولية المُتاحة لديك والتي يمكنك إيجادها في كل مكان. هذا الأمر كان رائعًا جدًا وإضافة مميزة ومُثيرة في هذا الجزء. إذ أصبح بإمكانك أيضًا ابتكار سلاحك الخاص بك بسعته وحجمه وشكله الخاصين به.
أيضًا في سبيل البقاء تمت إضافة ميزة جديدة رائعة جدًا من شأنها إضاعة ساعات طويلة من وقتك وأنت تعمل عليها.. إنها القدرة على بناء منزلك أو مأواك الخاص أيضًا باستخدام كل شيء قد تجده. فالأشجار يمكن تحويلها إلى أخشاب، وهياكل السيارات إلى حديد، وكل شيء إلى مادته الأولية التي ستستفيد منها في بناء هذا المنزل. ولكن يجب أن تكون على حذر.. فكما سيكون عليك الاهتمام ببناء منزلك المريح والمميز سيكون لزامًا عليك أن تبني وتؤسس الدفاعات الخاصة به. إذ ستكون وبشكل دائم عرضة للهجوم الشرس من قبل أعدائك من قطاع الطرق والغزاة الذين يسعون إلى اغتنام كل ما تملك أو كل ما هو ذي فائدة وثمن.
وبالإضافة إلى الدفاعات وبالعودة إلى الأسلحة فكما جرت العادة في هذه السلسلة هناك الكثير من الخيارات المتوفرة منها. الأسلحة في عالم فول آوت متنوعة بشكل رهيب جدًا يناسب جميع الأذواق والأساليب القتالية. وفي هذا الجزء تم تخصيص كل سلاح بشكل رائع. إذ أصبح لكل سلاح فعالية مميزة عن غيره بشكل ملحوظ. بالإضافة إلى سعة مخزنه ووزنه وتأثيره وما إلى هنالك. وعلى اختلافها بين أسلحة خفيفة من مسدسات متنوعة أو بنادق أو قناصات أو رشاشات أو قنابل حارقة وأخرى متفجرة وصولًا إلى الأسلحة المتطورة ذات الأشعة الليزرية أو تلك التي تسبب التجمد والتي تمت إضافتها في هذا الجزء بالإضافة إلى الكثير من الأسلحة الأخرى الجديدة والمميزة القابلة للتطوير والتعديل كما أسلفنا.
الأمر المميز جدًا والإضافة التي أعتبرها أكثر من رائعة هي إمكانية الإشارة إلى كل مكان قمت باستكشافه وتفريغه من كل شيء مفيد فيه بأنه نظيف (Cleared) أو تمت زيارته وذلك على جهاز الـ (Pip-Boy) الخاص بك لتعلم وتتذكر أنّ هذا المكان أو ذاك قد انتهيت منه سابقًا ولا داعي لإضاعة أي وقت إضافي فيه إلا في حال رغبت في ذلك.
وفيما يخص المهمات فهي كثيرة جدًا ولا تكاد تقوم بمهمة إلا وتجد في نفس طريقك ثلاثة غيرها لتقوم بها أو على الأقل تتطلع عليها. وهنا تبرز قوة اللعبة التي تسمح لك باختيار أسلوبك في اللعب سواء رغبت في السرقة والنهب أم الكسب الطبيعي، القتل أم المحافظة على الأرواح، الصداقة والإخلاص لمن معك أم الخيانة والغدر…إلخ. وللعلم فإن جميع هذه التصرفات ستنعكس وتؤثر على نظرة أصدقائك لك سواء سلبًا أم إيجابًا. وبالحديث عن الأصدقاء فقد أصبحوا لا يموتون كما في الجزء السابق وسيكون واجبًا عليك معالجتهم وإعادة طاقتهم باستخدام الموارد الطبية التي تجدها وتجمعها أو تلك التي تقوم بتصنيعها.
أيضًا تمت إعادة ميزة الـ (V.A.T.S.) ولكن هذه المرة بشكل ديناميكي حيث يتم إبطاء الوقت وليس إيقافه بشكل كامل كما في الجزء السابق. أي أنك ستكون عرضة للخطر حتى عند استخدام هذه الميزة!
كما تم اعتماد التنوع الرائع في الطقس والأحوال الجوية الديناميكية مع تعاقب رائع لليل والنهار. وتم توفير الكثير من الفصائل المتنوعة التي يمكنك الانضمام إليها كما تشاء وبحسب شخصيتك وقناعتك. فقط قم باتباع أسلوبك وإبراز شخصيتك الخاصة في اللعب. العب كما يحلو لك إذ أنك لن تجد إطلاقًا ما قد يجبرك على أي شيء!
جرافيك اللعبة
للأسف جرافيك اللعبة لم يكن بالنسبة لي كما كنت أحلم وأتوقع. يجب القول أنه قد تم تطوير جرافيك هذا الجزء بشكل ملحوظ عن الجزء السابق ولكن ليس إلى درجة التميز. ستشعر وكأنّ اللعبة قديمة بالفعل من حيث الجرافيك بالرغم من جميع التفاصيل الرائعة والدقيقة. كما أنّ اللعبة تعاني في بعض الأوقات من هبوط مفاجئ في الإطارات أو الـ (Frame Rate) بالإضافة إلى الكثير من الأخطاء أو الـ (Bugs) التي بكل تأكيد بحاجة إلى باتش من أجل تحديثها ولكن في الوقت نفسه لا تتسبب في إيقاف اللعبة أو استحالة إكمالها أو ما شابه.. فهي أخطاء متوقعة في مثل هذا النوع من الألعاب الضخمة وتحديدًا من شركة Bethesda!
وفيما يخص تصميم الشخصيات فالأمر أيضًا بحاجة إلى إعادة النظر وخصوصًا من حيث الأنيميشن الذي يبدو في بعض الأوقات غريبًا جدًا سواء في طريقة الجري أم في حركة الشفاه أثناء الحوارات وما إلى هنالك.
وبشكل عام.. إنها لعبة فول آوت! بأجوائها المثيرة والمميزة، وبالتأكيد هذا الجرافيك “العادي” إذا صح التعبير لن يكون ذا تأثير سلبي إلى درجة أن يحرمك من الاستمتاع باللعبة الرائعة.
أصوات اللعبة
جميع الأصوات في اللعبة جميلة ومدروسة كما أنها ذات جودة عالية ومميزة. فأصوات الأسلحة بشتى أنواعها كانت ممتازة. كذلك الأمر بالنسبة لأصوات الانفجارات والأعداء والاشتباكات والصرخات وأصوات الوحوش. أيضًا الحوارات وأصوات الشخصيات كانت جيدة ومناسبة من حيث المشاعر التي تسودها والأحداث التي تمر فيها في كل لحظة.
وفيما يخص أًصوات الموسيقى في الخلفية فلم تكن مجرد موسيقى عادية.. لقد كانت وكما جرت العادة ذات طابع خاص جدًا ومميز يعمل على استكمال مشاهد الأحداث والدمار والخراب هنا وهناك.
مدة اللعبة وقيمة الإعادة
تعتبر لعبة فول آوت 4 من الألعاب الضخمة جدًا ذات التشعب والتنوع الكبير في كل شيء. فالخريطة ضخمة للغاية والمهمات فيها كثيرة، سواء الرئيسية أم الفرعية. كما أنّ المواقع التي بحاجة إلى استكشاف تملأ كل بقعة تقريبًا في هذه الخريطة وهذا العالم. لذا لا تتوقع أبدًا إنهاء اللعبة في زمن قصير.. إطلاقًا.. وحتى لو تمكنت من ذلك فكن على يقين من أنّ الكثير قد فاتك وأنّ الكنوز لازالت مخبأة ومنتشرة على طول بيئة اللعب. وللعلم فقد وجدت أنّ اللعبة صعبة حتى على المستوى المتوسط ولكن هذه الصعوبة كانت إيجابية جدًا.
وفوق هذا كله وفي حال نجاحك في أداء وختام مهمات طور القصة الرئيسية فاللعبة لن تنتهي، وستتابع بشخصيتك وكل شيء تملكه بشكل عادي جدًا من أجل أداء باقي المهمات الفرعية أو حتى من أجل الاستمتاع بشكل حر وكامل في عالم اللعبة قدر ما تشاء وكيفما تشاء دون أية حدود أو قيود!
وختامًا أقول..
العالم الضخم، الاكتشاف والمفاجآت، الصناعة والتعديل والإنتاج، الأجواء والأحداث، القصة والشخصيات وغيرها جميعها أسبابٌ لعبت دورًا مهمًا – وكما في كل جزء – في نجاح هذا الجزء من هذه السلسلة الرائعة التي تعتبر من أشهر وأقوى ألعاب الـ (RPG) التي ينتظرها عشاقها بفارغ الصبر. قصة اللعبة هذه المرة جاءت مليئة بالمشاعر والأحاسيس والمُفاجآت. كما أنّ الجرافيك وبالرغم من تواضعه إلا أنّه لم يؤثر برأيي الشخصي على الاستمتاع باللعبة. أجواء اللعبة الخاصة وتصوير عالم بوسطن بهذا الشكل كان أكثر من رائع بالفعل، فكل جزء من الخريطة يحمل بصمة خاصة به وبالتأكيد سيكون له نصيبٌ ومكانٌ في ذاكرتك. وباختصار يمكن القول إنها بالفعل فول آوت.. فول آوت بإصدارها الرابع!
