مراجعة Call of Duty: WWII

Call of Duty: WWII

جالس في غرفتي الهادئة ذات الإطلالة التي لن أقول أنها أفضل ما أتمناه، لكنها حتماً شيء سأختاره مُقارنة بمشهد بداية لعبة Call of Duty: WWII… لا، ليس مشهد جثث تتطاير في السماء بفعل انفجارات وقنابل، رغم أن هذا سيحدث عاجلاً أو آجلاً، بل طريقة جنود الحرب العالمية الثانية في قضاء وقت فراغهم، عن طريق اللعب بسكين حادة قبل أن يقاطعهم الرقيب William Pierson، شخص قاس لا ترغب بإزعاجه.

العنوان: Call of Duty: WWII    الناشر: Activision    المطور: Sledgehammer Games    تاريخ الإصدار: 03.11.2017
عدد اللاعبين: طور فردي، طور جماعي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القصة

” Call of Duty: WWII تُقدم قصة إنسانية أيضاً…”

إنه العام 1944، شخصيتنا الرئيسية Ronald Daniels برفقة فرقته المؤلفة من صديقه المُقرب، Robert Zussman والرقيب William Pierson إضافة إلى جنود آخرين، يتوجهون إلى شواطئ النورماندي في فرنسا من أجل إخلائها من القوات النازية، فيما يُعرف تاريخياً بمهمة D-Day. الآن ستبدأ الجثث بالتطاير في السماء، ففور اقتراب الجنود الأمريكان من الشاطئ، يبدأ النازيون بإطلاق النار يميناً ويساراً، الحرب حقيقية، جنود كانوا على قيد الحياة منذ لحظات أصبحوا في عداد الموتى، هنا تبدأ رحلتك في النجاة من الجحيم، وفي القضاء على أكبر عدد من النازيين.

القتل والنجاة، رغم أن هذه الكلمات هي أساس الحرب العالمية الثانية، إلا أن Call of Duty: WWII تُقدم قصة إنسانية أيضاً، حول مأساة الجنود، والعلاقات التي تتشاركها شخصيات القصة أكانت إيجابية أم سلبية، فالرقيب Pierson مع قسوته على جنوده وأفعاله المتهورة أحياناً، إلا أنه يهتم كفاية لإبقاء كل فرد على قيد الحياة، أما شخصيتنا الرئيسية هنا، Ronald، فله حياة خاصة بعيدة عن الحرب، وسيفعل أي شيء للنجاة برفقة صديقه المُقرب، حتى لو تطلب الأمر بعض التضحية.

دون حرق أية أحداث مُهمة هنا، يكفي القول أن Call of Duty: WWII قد اقتبست بعض المشاهد أو على الأقل “الأفكار السينمائية” لبعض الإنتاجات الهوليودية المعروفة، وبالأخص من فيلم Saving Private Ryan بمشهد الإفتتاح الذي يوضح لنا بشاعة الحرب وجثث الجنود تطفوا على الشاطئ و في كل مكان، لتتأثر شخصيتنا الرئيسية بما يحدث من حولها قبل أن تبدأ في التكيف مع الوضع.

إن كانت سلسلة Call of Duty تتقن شيئاً واحداً، فسيكون طريقة تقديمها للطور الفردي، سواء عن طريق المشاهد السينمائية العالية الجودة، أو حتى طريقة إدخالك في أسلوب اللعب بشكل مُثير يبقيك متحمساً لما سيحدث تالياً.

أسلوب اللعب

“War Mode، الطور الذي يضعك في خضم معركة طاحنة”

Call of Duty تبقى سلسلة تصويب وتسديد من منظور الشخص الأول، لذا فجودة فأسلوب اللعب هنا تقترن بطريقة استخدام الأسلحة، تخصيص الشخصيات وما يتعلق بطور اللعب الجماعي ككل.

سأتحدث قليلاً عن أسلوب اللعب ضمن الطور الفردي، حيث ستقضون ما يصل إلى 9 ساعات تقريباً ضمن 10 مُهمات، هذه المهمات تختلف قليلاً عن بعضها البعض، قد لا تشعر بملل أو تكرار حقاً، بعضها يوفر لك فرصة الإشتباك مع العدو بشكل مُباشر وإطلاق النار في كل مكان، ومهمات اخرى تستدعي منك بعض مهارات التسلل ضمن خطوط العدو، لكن أكثر ما استمتعت به في Call of Duty: WWII قد يكون أبسطها، وهو الحوارات والشخصيات نفسها، فهي ممتعة وغير مملة، والأداء الصوتي عالي الجودة من نخبة ممثلي هوليوود أضاف لمسة خاصة للعبة.

لننتقل إلى أسلوب القتال والأسلحة المتاحة، فباعتبارها لعبة حرب عالمية ثانية، فلن ترى قنابل مغناطيسية هنا، أو أسلحة ليزر قادرة على تدمير الأبواب والقضاء على أفواج من الأعداء دفعة واحدة… لذا قد يجد اللاعبون الذين اعتادوا على الأجزاء الأخيرة من السلسلة بعض الصعوبة في الإعتياد على الأسلحة التقليدية في Call of Duty: WWII، فالذخيرة مُهمة هنا، لذا احرص على جعل كل رصاصة تصيب الهدف مُباشرة، كما يجب الإنتباه من الأعداء الذين يختارون الإختباء وانتظار فرصة لإصابتك، حيث أن الأمر قد يكلفك حياتك سريعاً لعدم وجود نظام Health Regenerator الذي اعتدناه في السلسلة.

إن قررنا مُقارنة أسلوب إطلاق النار وطريقة التعامل مع الأسلحة والمعدات بين Call of Duty: WWII و Battlefield 1 على سبيل المثال، سنجد أن الأخيرة تعتمد أسلوب الواقعية بشكل أكبر من CoD، وهو أمر لا بأس به، بل في الحقيقة هي ميزة تجعل اللعبة تُرحب بجمهور أكبر يفضل هذا النوع من الألعاب التي تركز على السرعة وردة الفعل أكثر من التخطيط، لذا ستجد أن مُعظم الأسلحة بالكاد لديها مستوى ارتداد أو Recoil، فتجد أن إطلاق النار من سلاح رشاش أوتوماتيكي أمر سهل وتسهل السيطرة عليه مقارنة بما نحصل عليه في ألعاب Battlefield.قد يختلف الكثيرون على النقطة أعلاه، لكن يجدر بي الذكر أن الأمر لا ينطبق مع كافة الأسلحة، فإن كنت تستعمل بندقية قنص فهمة التحكم بها وضبطها قد يكون عملية تتطلب منك بعض الصبر.

بعض المهمات ستسمح لك بقيادة سيارة Jeep، رغم أن التجربة ممتعة إلا أنها لا تستمر لوقت طويل، وفي الحقيقة صادفت بعض لحظات اللعب التي ينخفض فيها مُعدل الإطارات على جهاز Playstation 4، ويبدوا أن الأمر ينطبق أيضاً على Playstation 4 Pro، لكن قد تقوم Sledgehammer بإصلاحه سريعاً في التحديث القادم.

الأسلحة التي ستستخدمها في طور القصة كثيرة، بما في ذلك قاذفة النيران أو Flamethrower Kit، لكن وجدت أن الأخيرة تفتقد لبعضٍ من الأسلوب الخاص، فهي نوعاً ما تُصنف كسلاح خاص، لكن طريقة استخدامها بدت لي بسيطة جداً بل ربما لا تقدم إضافة مهمة للعبة، لكن هناك الكثير من الأسلحة التي تحمل وزناً لها، مثل قاذفات الصواريخ، الدبابات وحتى المُسدسات الكلاسيكية التي قد تنقذ حياتك إن فرغ سلاحك الرئيسي من الذخيرة.

طوال طور اللعب الفردي، ستجد فرقتك العسكرية إلى جانبك، وهؤلاء لهم أدوار خاصة، بعضهم سيقدم لك الذخيرة في حالة حاجتك إليها، والبعض الآخر سيحاول قدر الإمكان إبقائك حياً عن طريق تمديدك بالإسعافات الأولية، وهذه نقطة أخرى ضاعفت من مُتعة الطور الفردي للعبة، وجعلت من التجربة أكثر إثارة وواقعية.

سبق لنا تجربة طور اللعب الجماعي في فترته التجريبية، ومنذ ذلك الحين لم تتغير الكثير من الأمور، Call of Duty: WWII تُقدم نفس الأسلوب الذي عُرفت به السلسلة منذ بداياتها، حتى مع أطوار اللعب الجديدة بما في ذلك War Mode، الطور الذي يضعك في خضم معركة طاحنة يجب عليك فيها الدفاع عن حدودك والتغلب على العدو من خلال الإستفادة من بعض المميزات مثل الدبابة والأسلحة الثقيلة.

Divisions هي عبارة عن أقسام تختار من بينها، وكل واحدة تتميز بقدرات معينة وأسلحة معينة، لذا فالإختيار هنا يُساعدك على التخصص في قسم معين، لكن مع إتاحة الحرية للتنقل من واحد لآخر. في الحقيقة لازلت لا أشعر بالفرق الذي كان فريق Sledgehammer ينوي تقديمه من خلال هذه الميزة الجديدة، فاللعب السريع لا يجعلك تستكشف هذه الأمور حقاً، فكل ما تضعه أمام عينيك هو الحصول على أكبر عدد من النقاط وقتل أكبر عدد من الأعداء.

أمر آخر جديد كلياً في اللعبة هو طريقة حل صناديق الغنائم أو Loot Crates، التي يحصل عليها اللاعب، حيث بمقدور كل لاعب آخر مشاهدة العملية مُباشرة، والهدف من ذلك هو تشجيع اللاعبين الآخرين على الإستمرار في اللعب لتخصيص شخصياتهم من خلال الحصول على هذه الصناديق وما الذي يمكن أن تحتويه.

تصميم الخرائط أيضاً مُشابه لكل ألعاب Call of Duty السابقة، مُحافظة على مساحات صغيرة وبعض الأماكن المفتوحة من أجل تقديم تلك التجربة التنافسية السريعة، لكن أحب أن أكرر أن الأمر ككل قد لا يُناسب الجميع، فعند تفكيرك في لعبة الحرب العالمية الثانية تجد نفسك تتخيل خرائط ضخمة متنوعة وأسلوب لعب يقدم لك العشرات من الإختيارات، مع الكثير من اللاعبين من حولك، شيء يبرع فيه فريق DICE مع لعبته Battlefield، لكن للأسف فهذا ليس توجه Call of Duty وحتى الجزء الحالي الذي كان ليكون أفضل بكثير مع هذا النمط.

نمط اللعب التعاوني Zombies يعود إلينا هذه المرة مع النازيين، فكرة نوعاً ما بعيدة عن الواقع، لكنها تُحافظ على روح السلسلة، وكالعادة، أنصح بشدة أن تلعبه مع صديق أو لاعب آخر، فبدونه تبدوا التجربة ككل ناقصة ولا تحمل هدفاً معيناً، أي أن هذا الطور يُشجعك حقاً على اللعب مع آخرين للحصول على أفضل متعة تجعلك تعود من جديد كل مرة، حتى مع وجود تلك الحوارات الرائعة بين الشخصيات والتي لحسن الحظ لم تكن محصورة في نمط القصة فقط… ولا أستطيع قول نفس الشيء بالنسبة للطور الجماعي، فالحوارات لا تزال قصيرة، متكررة وأحياناً تافهة.

الرسوم والأصوات

“أصوات الأسلحة أيضاً يصعب التمييز بينها ككل…”

قُمت بمراجعة اللعبة على جهاز Playstation 4، وجودة الرسوم هنا حقاً عالية خصوصاً في المشاهد السينمائية، يمكنك ملاحظة تفاصيل وتعابير أوجه الشخصيات والبيئة المحيطة بك، بما في ذلك مواقع حقيقية جرت فيها أحداث الحرب العالمية الثانية، قد تعتقد أن الأمر ينتهي عند المشاهد السينمائية، لكن حتى أثناء فترات اللعب لا تزال اللعبة تحافظ على قدر كافي من هذه التفاصيل، وتبرز بشدة أثناء احتدام الموقف، من تفجيرات مُتقنة التصميم، أطراف جثث الجنود الأمريكان والنازيين أيضاً في كل مكان، بنايات مُدمرة ومركبات تحترق.. وصولاً إلى مشاهد تُشعرك بالطمئنينة أحياناً، مروج خضراء وسماء زرقاء، لكن كما ذكرت في السابق، بعض هذه اللحظات الرائعة يتخللها انخفاض نسبي في معدل الإطارات كفيل بإفقاد اللحظة إثارتها.

أصوات الشخصيات مثالية، فدعونا لا ننسى أن Activision قادرة دوماً على تسخير أفضل مواهب هوليوود لمشاريعها، فنحصل على ممثلين مثل Josh Duhamel و Jonathan Tucker وآخرون، من خلالهم استطاعت اللعبة تقديم أداء تمثيلي رائع لترافقه مؤثرات صوتية رائعة من تفجيرات واطلاق عيارات نارية في كل مكان، لكن طور اللعب الجماعي حقاً لا يقدم نفس تلك التجربة، أو على الأقل ليس كل شيء فيها، فالرسوم جيدة ومقبولة ومعدل الإطارات كان مُستقراً في معظمه، لكن أشعر أن بعض الأجزاء لا تحمل كمية التفاصيل نفسها التي أراها في طور اللعب الفردي، أصوات الأسلحة أيضاً يصعب التمييز بينها ككل، سواء أكانت رشاشات أوتوماتيكية أو بنادق، فهي نوعاً ما… ذات مستوى صوتي مسطح، أو Flat، أي أنها لا تحمل ذلك التأثير الصوتي الذي يشعرك حقاً بإطلاقك النار من سلاح من الحرب العالمية الثانية.

هل تستحق الشراء، استئجارها أم انتظار تخفيض سعرها؟

Call of Duty: WWII تعود بنا إلى أيام مجد السلسلة، بطور قصة ممتع وإضافات قد لا تكون ذات تأثير كبير في الطور الجماعي، لكنها تُحافظ على ما تبرع فيه السلسلة بشكل أكبر، وهو أسلوب اللعب السريع، مع تشكيلة واسعة من الأدوات، الأسلحة والخرائط، فإن كان هذا مُبتغاك من اللعبة، فستحصل على تجربة ممتعة خصوصاً مع طور Zombies، لكن إن توقعت أن تقوم Sledgehammer بإعتماد أسلوب مختلف تماماً مع هذا الجزء، بكونه الجزء الذي يعيد السلسلة إلى مجدها، بكونه الجزء الذي توقعنا فيه شيئاً خاصاً يجعلنا نترك كل ألعاب التصويب والتسديد الأخرى، فأنت مخطئ، أو على الأقل هذا ما أراه شخصياً، فأطوار اللعب مع اختلاف أسمائها إلا أن طريقة لعبها مُتشابهة إلى حد كبير، لذا فإن كان طور القصة هو الأمر الوحيد الذي قد يدفعك لشراء اللعبة، قد ترغب بالإنتظار قليلاً إلى حين تخفيض سعرها.

معاذ محسين
ألعاب الفيديو، وقهوة ساخنة.