مراجعة Outlast 2

اعتماد Outlast 2 على مجموعة من المبادئ هي ما يجعلها تجربة رعب مميزة حقاً، هذا إلى جانب الحفاظ على نفس الشعور الذي طالنا عند لعب الجزء الأول الذي صدر سنة 2013، إليكم مراجعة Outlast 2.

قصة Outlast 2

“اللعبة تحاول تضييق الخناق عليك قدر الإمكان..”

ستلعب دور صحفي يجري تحقيقاً حول مقتل سيدة في ظروف غامضة، إلى جانبه، ستكون زوجته مُساعدة له في التحقيق الصحفي، لكن أثناء ذلك، تتعرض مروحيتهما لحادث يتسبب بتحطمها في إحدى المناطق المهجورة في منطقة أريزونا بالولايات المتحدة.

لا يوجد ترابط كبير بين القصة الأولى والحالية، لكن كلا الشخصيتين الرئيسيتين تمتهنان الصحافة والتحقيق، وهو أمر مناسب جداً لهذا النوع من الرعب، وسأتطرق أكثر إلى هذه النقطة في فقرة أسلوب اللعب.

التتمة هنا قد تكون واضحة. الزوج يبدأ رحلته في البحث عن زوجته ليصادف مجموعة من الألغاز ولحظات الرعب المفاجئة.. مع أن الأمر صحيح إلى حد ما، لكن Outlast 2 تأخذ منحى مختلف، معتمدة على عناصر دينية، خارقة للطبيعة، ومقززة أحياناً.. تعلمون جيداً أن الأمور المقززة جزء من عملية الرعب.

إن كنت تتوقع الحصول على الكثير من التلميحات، معلومات متناثرة في كل مكان والمشاهد السينمائية التي تتمع بها ألعاب النمط الفردي، فقد لا تكون Outlast 2 مناسبة لك، اللعبة تحاول تضييق الخناق عليك قدر الإمكان، جعلك تعيش حقاً شخصية الصحافي الذي يبدأ باستكشاف المكان بشكل متردد، مذعور وغير قادر على استيعاب أي شيء يحدث، لكن هناك لحظات هنا وهناك تمكنك من معرفة ما الذي يجري من حولك، أكان ذلك متعلقاً بالمكان، أو قاطنيه.

أسلوب اللعب في Outlast 2

“طريقة دمج هذه النقطة مع بعض الأمور الأخرى استطاعت انتاج أسلوب لعب قادر على إثارة أعصابك بسهولة”

لنتحدث أولاً عن النقطة التي ذكرتها أعلاه حول كون الشخصية الجديدة أيضاً تمتهن الصحافة كسابقتها. Outlast 2 لن تكون كباقي ألعاب الرعب، أو على الأقل كاللعبة الأخيرة Resident Evil 7، فصديقنا هنا لن يحصل على أية ذخيرة، بندقية أو ما شابه، كل ما ستملكه هو آلة تصوير تستطيع استخدام ميزة التصوير الليلي فيها لتتمكن من الرؤية في الأماكن الشديدة الظلمة، وما أكثرها هنا!

ما سيثير ارتباكك، إلى جانب العشرات من الأمور، هو كون آلة التصوير تعمل على بطاريات، نعم، بطاريات تُستنفذ طاقتها في مدة زمنية معينة، لذا حاول البحث قدر الإمكان عن كل البطاريات المتواجدة في المنزل المهجور أو أي مكان آخر تستطيع الولوج إليه.

في بداية اللعبة، أي مباشرة بعد سقوط المروحية واختفاء الزوجة، ستعيش نوعاً من الأحلام، ستجد نفسك في مكان أقرب إلى ما يكون مدرسة كاثوليكية، لكن دعونا لا نحرق الأحداث.. لن تستغرق كثيراً قبل أن تأخذك غرائزك إلى منزل مهجور منحشر في إحدى الزوايا قرب حقل شاسع، بعض اللحظات هنا وهناك ستجعلك تبدأ بالتفكير في ما إذا كان أحد ما يراقبك، هل سيسمع أحدهم صوت خطواتك وغير ذلك. Outlast 2 كغيرها تعتمد أسلوب لعب منظور الشخص الأول، وهنا من جديد يظهر أسلوب الاستكشاف وعيش البيئة من حولك، فتح الأبواب، حمل أدوات مختلفة ومعرفة دورها أو ما إذا كانت تحوي دليلاً عن المكان الذي أنت فيه، ربما تفشل قليلاً في اقناعك بكون كل ما يحدث من حولك منطقياً في البداية، لكن أعدك أنك ستغير رأيك بعد ساعتين من اللعب.

Outlast 2

لا أرغب بحرق القصة عليك، لكن بعد قضاء بعض الوقت في اللعبة واستكشاف المكان، وطبعاً عيش بعض لحظات الرعب النفسية، ستدرك أنك لست الوحيد في تلك المنطقة المهجورة، في الحقيقة، هناك الكثير من الناس، والذين لا يملكون أي نية في ابقائك حياً، وطريقة دمج هذه النقطة مع بعض الأمور الأخرى استطاعت انتاج أسلوب لعب قادر على إثارة أعصابك بسهولة، واتخاذ القرارات السريعة سيصبح عملية مرعبة بحد ذاتها، هل عليك الاختباء، أم الاستمرار في الهرب؟ هل الدفاع عن نفسك سيخلصك من بعض هؤلاء المتربصين بك أم أنه سيسبب لك مشاكل فظيعة؟

بعض هذه الأمور التي أنتجت أسلوب لعب رائع تتمثل في كون بيئة اللعب شاسعة بحق، هناك الحقول، الردهات الطويلة وبعض الغرف الكبيرة، لكن مع ذلك تشعر وكأنها تصبح أضيق وأضيق كلما شعرت بشيء ما من حولك، أكان صوت خطوات، صريراً أو أصوات أشخاص يتحدثون، كل شيء هنا وُضع ليسبب لك نوبات فزع مفاجئة في أغلبها، لكنها تحافظ أيضاً على اهتمامك وهو أمر حتمي في لعبة مثل Outlast 2.

أسلوب اللعب يبقيك على مقربة من أحداث القصة، شيئاً فشيء ستكتشف ما الذي يحدث في هذا المكان المنعزل، وما سبب وجود بعض الرموز الدينية، وكيف يمكن أن تكون الخوارق الطبيعية أيضاً جزء من القصة، رغم أنها أحياناً تبدوا سخيفة. ستجد نفسك تحاول الهرب من أشياء لا تستطيع حتى تحديد ما هي طبيعتها، تصارع لإيجاد فتحة في جدار ما، خزانة للاختباء أو أي شيء للدفاع به عن نفسك، لكن تذكر أن الكاميرا هي صديقك الوحيد، هذه الأداة ستساعدك على معرفة أماكن أعدائك الذين يبحثون عنك في الأماكن الشديدة الظلمة، رغم أنهم في أغلب الأحيان يمتلكون مصابيح يدوية، لذا انتبه ألا يلاحظونك.

Outlast 2

الهدف الوحيد الذي عليك العمل عليه هو إيجاد الزوجة، وخلال ذلك ستحدث الكثير من الأمور، لذا حاول أيضاً قراءة الملاحظات التي تجدها من حولك، معظمها ملاحظات انتحار وصور، فهي تعطيك لمحة عما ينتظرك، وإن كنت تعتقد أن الأمر مشابه كثيراً لما يحدث في معظم ألعاب الرعب، أنصحك بإعادة التفكير، Outlast 2 تملك نقطة إضافية أخرى ستجعلك مذهولاً.

من النادر أن تجعلك لعبة رعب نفسي تخلق رابطاً عاطفياً مع الشخصية الرئيسية، لكن في بداية اللعبة، ستبدأ الشخصية الرئيسية بعيش لحظات هلوسة، يرى فيها أجزاء متقطعة من طفولته، ما يجعلك تتعرف على جزء من هذه الشخصية التي غالباً ما لا تركز عليها ألعاب الرعب، الأمر حقاً سيدفعك للاستمرار، لتعيش لحظات أخرى يرى فيه بطلنا أشخاص من حياته، مثل طفلته الصغيرة، التي تجعلنا نختلق فرضيات حول ما إذا كان لها دور ما في اللعبة، فهو أمر غالباً ما يحدث في أفلام الرعب على أية حال.

الرسوم والأصوات

الرسوم هنا جميلة جداً، لها طابع خشن في بعض الأحيان، ما يشعرك بكون المكان موحش، شبه مهجور وغير آمن لك. هناك مستوى عالي من التفاصيل في بعض الأمور، لا أستطيع قول نفس الشيء بالنسبة للمخلوقات التي تهاجمك، لكنها عموماً جيدة. لعل أكثر شيء أثار اعجابي هو مستوى الإضاءة في هذه اللعبة، أثناء هروبك إلى الحقول سترى انعكاس ضوء القمر على جزء منه، شيء يبعث القشعريرة إلى جسمك، وتوزيع الظلال والألوان في بعض المشاهد، الدموية خصوصاً، شيء مبهر حقاً.

الموسيقى التصويرية والأصوات عموماً قد تكون أفضل اما ستسمعه في لعبة رعب إلى حد الآن، كل شيء دقيق للغاية، وأنصح الجميع بارتداء سماعات أذن عالية الدقة للاستمتاع بالأمر. ستكون قادراً على سماع أصوات الرياح تتخلخل بين فتحات النوافذ الخشبية، صرير الأبواب الثقيلة، الخطوات والكثير من المؤثرات الصوتية التي تم تنفيذها باتقان كبير حقاً. أستطيع قول نفس الشيء عن صوت مؤدي الشخصية الرئيسية، رغم أننا لن نسمعه كثيراً، إلا أنه صوت جيد وأداءه مثالي في لحظات الرعب والخوف.

هل تستحق الشراء، استئجارها أم انتظار تخفيض سعرها؟

استوديو Red Barrels سبق أن وعدنا بتقديم تجربة ألعاب AAA بسعر منخفض، وقد وفى الفريق بوعده. من النادر الحصول على لعبة رعب بهذه الجودة بسعر 30 دولاراً، أسلوب اللعب ممتاز ومتماسك مع عناصر القصة المثيرة للاهتمام، لكن كغيرها طبعاً فهي غير مناسبة لجميع اللاعبين، هناك أمور قد لا تنال الإعجاب مثل رتابة بعض اللحظات حيث لا تدري بالضبط ما عليك فعله، وأحياناً أخرى يكون توقع تلك المفاجئات المرعبة أمراً بديهياً، لكن أعتقد أن ذلك شيء نحصل عليه في أي تجربة رعب أكانت من خلال ألعاب الفيديو أو الأفلام السينمائية.

برأيي الشخصي، شراء اللعبة مثل انتظار تخفيض سعرها، قد يقوم استوديو Red Barrels بتخفيض السعر في غضون الأسابيع القليلة القادمة، لكن الأمر سيان، والحصول عليها الآن سيكون جيداً للاستمتاع بهذه التجربة الرائعة التي افتقدناها منذ الجزء الأول من اللعبة.

اقرأ أيضاً: توضيح نهاية Outlast 2

معاذ محسين
ألعاب الفيديو، وقهوة ساخنة.