لماذا وجد تطبيق Uber صعوبة في اختراق سوق المغرب؟

خدمات سيارات الأجرة حسب الطلب لم تعد مجرد موضة، بل أقرب إلى روتين اعتاد عليه ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم. العالم العربي أيضاً استقبل عدة محاولات لتقديم خدمة مثالية في هذا المجال.

المغرب إحدى بلدان شمال إفريقيا التي تتمتع بشريحة كبيرة من مستخدمي الإنترنت والهواتف الذكية، ما يجعلها إحدى الأسواق الناشئة التي قد يهتم بها أي مزود خدمات رقمية، وقد استقبل سائقوا الأجرة دخول Uber للعاصمة الإقتصادية للبلاد، الدار البيضاء، بطريق مفروشة بالأشواك كما يقال.. فماذا يجعل من اختراق السوق المغربية أمراً صعباً لشركة عالمية تقدر بأزيد من 60 مليار دولار؟

مشاكل عالمية بنكهة محلية

سمعة “أوبر” ليست مثالية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولعلها كذلك في دول أخرى، الأمر يعود إلى صعوبة تقبل سائقي سيارات الأجرة دخول شركة أجنبية تجعل من عموم المواطنين مُنافسين لهم، مُخفضة بذلك عوائدها المادية التي أحياناً لا تكاد تكفي لسد حاجياتهم.

هذا الأمر واقع يعيشه غالبية سائقي الأجرة في المغرب، لكن ليس سوى جانب واحد من المشاكل التي تعيق خدمة مثل Uber في بسط رحابها على السوق المغربية.

المغرب حتماً يُظهر ارتفاعاً كبيراً في أرقام استهلاك الهواتف الذكية، لكنه لا يُظهر أي تغييرات مهمة في خدمات الإتصال بالإنترنت عبر الجوال والتي لا ترقى للمستوى المطلوب لتشجيع المواطنين على استخدامها بشكل متواصل في تطبيقات أخرى غير Facebook و WhatsApp.

عادات المستخدم المغربي

لائحة المشاكل والصعوبات تستمر لتصل إلى أهم نقطة، كيف تقنع المستخدم المغربي بالانتقال من سيارات الأجرة التقليدية إلى Uber؟ لست في مركز يخولني لإصدار أحكام أو قرارات مبنية على أبحاث، لكن كمستخدم مغربي، أعتقد أن الأمر يتعلق بالفئة التي تستهدفها خدمة Uber في العادة، والإحصائيات تشير إلى كون الأشخاص ما بين 25 إلى 34 سنة هي الفئة التي تعتمد على سيارات الأجرة حسب الطلب، وبعد أن نلقي نظرة على المغرب، ستجد أن هذه الفئة لا تحتاج كثيراً لسيارات الأجرة كيفما كان نوعها، أغلب المستخدمين المستهدفين يمتلكون بالفعل سياراتهم الخاصة، أو ببساطة ليسوا من مُفضلي سيارات الأجرة خصوصاً حينما تكون تكلفتها كبيرة نسبياً مقارنة بوسائل نقل عمومية أخرى.

الفئة الثانية الأكثر استخداماً لتطبيق Uber هي الجيل الألفي، ما بين 16 إلى 24 سنة، وهي فئة أخرى قل ما نراها تعتمد سيارات الأجرة في المدن المغربية بشكل دوري، وأنا متأكد أن Uber لن تحقق أية أرباح مهمة إن لم تبني قاعدة مستخدمين دوريين لها في المغرب.

إحدى الحلول التي قد تساعد Uber في التعمق في عادات المستخدم المغربي و إقناعه بجدوى هذه الخدمة، هي بالتواجد في أماكنه المفضلة، بدءًا من تطبيقات التواصل الإجتماعي التي نستخدمها بشكل يومي، وصولاً إلى الأماكن العمومية التي تعتبر مكاناً يستطيع كافة الأشخاص رؤية العلامة التجارية وهدفها.

سياسات التسويق الأجنبية قد لا تجدي في أماكن أخرى، ومن بينها المغرب، المستخدم المستهدف يصعب إقناعه بتغيير عاداته، خصوصاً عندما تكون Uber مجرد إسم آخر لسيارة أجرة، فالأسعار لا تختلف كثيراً، وهي لن تقلص من مدة انتقالك من مكان لآخر على أية حال، فلماذا قد أستخدمها؟  

بصيص أمل لنجاح خدمة التاكسي حسب الطلب

لحسن الحظ، خدمات Uber في المغرب لا تزال مقتصرة على مدينة الدار البيضاء، وبرأيي فهي المدينة المناسبة لتجربة ما إذا كان المغاربة بالفعل مستعدين لتجربة شيء تقليدي بطريقة مختلفة، والتطبيق يوفر خيار الدفع نقداً وهذا شيء تداركته الشركة قبل دخولها للسوق المحلية، فالكثير من المواطنين لا يحملون بطاقات بنكية جاهزة للدفع الإلكتروني، أو ببساطة لا يثقون بالمعاملات الرقمية وهذه مشكلة بحد ذاتها.

برأيي، أظن أن المغرب يشكل سوقاً مُغرية لهذا النوع من الخدمات، هل نحتاجها حقاً؟ كما اعتاد ستيف جوبز قوله، فالمستخدم لا يعرف ماذا يريد حتى يراه.. أظن أن توفير خاصية طلب سيارة Uber عبر تطبيق Messenger أو WhatsApp ستكون مُفيدة للمغاربة، على الأقل ستبسط من العملية وتجعلها طبيعية أكثر بحيث لا تؤثر على عاداتهم الرقمية، مسألة القوانين والشروط أيضاً شيء مهم يجب تسويته مع المعنيين بالأمر، لكن Uber سيكون عليها إحداث بعض التغييرات في مختلف سياساتها للإستمتاع بالسوق المغربية، على الأقل قبل دخول منافسين عالميين آخرين.

معاذ محسين
ألعاب الفيديو، وقهوة ساخنة.